للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدُهُمَا: يُجْزِئُ لِكَمَالِ الْعِتْقِ الْمُسْتَحَقِّ وَإِنْ تَبَعَّضَ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُجْزِئُ؛ لِأَنَّ فِي التَّبْعِيضِ نَقْصًا وَعِتْقُ النَّاقِصِ غَيْرُ مُجْزِئٍ وَفِيهِ وَجْهٌ ثَالِثٌ: أَنَّهُ إِذَا أَعْتَقَ نِصْفَيْنِ مِنْ عَبْدَيْنِ باقيهما حراً أَجْزَأَهُ لِارْتِفَاعِ الضَّرَرِ عَنْهُمَا وَإِنْ كَانَ بَاقِيهِمَا مَمْلُوكًا لَمْ يُجْزِهِ لِدُخُولِ الضَّرَرِ عَلَيْهِمَا وَاللَّهُ أعلم.

[(مسألة:)]

قال الشافعي رضي الله عنه: (وَلَوْ أَعْتَقَهُ عَلَى أَنْ جَعَلَ لَهُ رَجُلٌ عَشْرَةَ دَنَانِيرَ لَمْ يُجْزِئْهُ) .

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَصُورَتُهَا: فِي رَجُلٍ عَلَيْهِ عِتْقُ رَقَبَةٍ عَنْ ظِهَارٍ وَلَهُ عَبْدٌ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: أَعْتِقْ عَبْدَكَ هَذَا عَنْ ظِهَارِكَ عَلَى أَنَّ لَكَ عَلَيَّ عَشْرَةَ دَنَانِيرَ. فَلَا يَخْلُو حَالُهُ إِذَا أَعْتَقَ عَبْدَهُ عَنْ ظِهَارِهِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَقُولَ قَدْ أَعْتَقْتُ عَبْدِي عَنْ ظِهَارِي عَلَى عَشْرَةِ دَنَانِيرَ لِي عَلَيْكَ فَيُعْتَقُ عَلَيْهِ وَلَا يَكُونُ عَنْ ظِهَارِهِ لِأَنَّ عِتْقَ الظِّهَارِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ خَالِصًا عَنْهُ وَلَا يَكُونُ مشتركاً بين الظهار بين غَيْرِهِ وَهَذَا عِتْقٌ قَدْ جَعَلَهُ مُشْتَرِكًا بَيْنَ الظِّهَارِ وَبَيْنَ أَخْذِ الْعِوَضِ عَنْهُ فَلَمْ يَخْلُصْ عَنِ الظِّهَارِ فَلِذَلِكَ لَمْ يُجْزِهِ عَنِ الظِّهَارِ وَإِذَا لَمْ يُجْزِهِ عَنِ الظِّهَارِ صَارَ الْعِتْقُ وَاقِعًا عَنْ بَاذِلِ الْعِوَضِ وَعَلَيْهِ الْعَشْرَةُ لِأَنَّ الْمُعْتِقَ صَرَفَ الْعِتْقَ إِلَى شَيْئَيْنِ إِلَى الظِّهَارِ وَإِلَى الْعِوَضِ فَإِذَا بَطَلَ أَنْ يَكُونَ عَنِ الظِّهَارِ ثَبَتَ حُكْمُ الْآخَرِ وَهُوَ الْعِوَضُ فَصَارَ مُعْتِقًا عَبْدَ نَفْسِهِ بِعِوَضٍ عَلَى غَيْرِهِ فَوَقَعَ الْعِتْقُ عَنْ بَاذِلِ الْعِوَضِ وَيَكُونُ لَهُ الْوَلَاءُ وَعَلَيْهِ مَا بَذَلَهُ مِنَ الْعِوَضِ وَهُوَ الْعَشْرَةُ قَالَهُ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الْأُمِّ.

(فَصْلٌ:)

وَالْحَالُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَقُولَ الْمُعْتِقُ: قَدْ أَعْتَقْتُ عَبْدِي هَذَا عَنْ ظِهَارِي دُونَ عِوَضِكَ فَيُعْتَقُ عَنْ ظِهَارِهِ لِأَنَّهُ قَدْ جَعَلَهُ خَالِصًا عَنْهُ وَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى بَاذِلِ الْعِوَضِ لِأَنَّهُ قَدْ رَدَّهُ لِأَنَّ الْعِتْقَ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ.

وَالْحَالُ الثَّالِثَةُ: أَنْ يَقُولَ الْمُعْتِقُ: قَدْ أَعْتَقْتُ عَبْدِي هَذَا عَنْ ظِهَارِي وَيُمْسِكُ عَنْ ذِكْرِ الْعِوَضِ فَلَا يُصَرِّحُ بِإِثْبَاتِهِ وَلَا بِنَفْيهِ فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يُعْتِقَ بَعْدَ تَطَاوُلِ الزَّمَانِ وَخُرُوجِهِ عَنْ أَنْ يَكُونَ جَوَابًا لِلْبَاذِلِ لِلْبَذْلِ، فَيُجْزِيهِ عِتْقُهُ عَنْ ظِهَارِهِ لَا يَخْتَلِفُ لِعِلَّتَيْنِ:

إِحْدَاهُمَا: إِمْسَاكُهُ عَنْ ذِكْرِ الْعِوَضِ فِي عِتْقِهِ.

وَالثَّانِيَةُ: خُرُوجُهُ عَنْ حُكْمِ الْجَوَابِ لِبُعْدِهِ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يُعْتِقَهُ فِي الْحَالِ عُقَيْبَ الْبَذْلِ ففيه وجهان:

<<  <  ج: ص:  >  >>