للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعَمَلِ. فَإِنْ كَانَ الْقَطْعُ فِي إِحْدَى إِصْبَعَيْنِ وَهِيَ الْخِنْصَرُ أَوِ الْبِنْصِرُ فَقَطْعُ إِحْدَاهُمَا لَا يَمْنَعُ مِنَ الْإِجْزَاءِ، لِأَنَّهُ لَا يَضُرُّ بِالْعَمَلِ إِضْرَارًا بَيِّنًا فَإِنْ قُطِعَتَا مَعًا نُظِرَ فَإِنْ قطعنا مِنْ يَدٍ وَاحِدَةٍ لَمْ تُجْزِهِ وَإِنْ كَانَتَا مِنْ يَدَيْنِ أَجْزَأَ.

فَأَمَّا أَصَابِعُ الرِّجْلِ فَقَطْعُ الْإِبْهَامِ مِنْهَا مَانِعٌ مِنَ الْإِجْزَاءِ لِأَنَّ فَقْدَهَا مِنَ الرِّجْلِ مُضِرٌّ بِالْمَشْيِ كَمَا أَنَّ فَقْدَهَا مِنَ الْيَدِ مُضِرٌّ بِالْبَطْشِ، وَأَمَّا غَيْرُ الْإِبْهَامِ مِنْ أَصَابِعِ الرِّجْلِ إِذَا قُطِعَ أَحَدُهَا مِنْ سَبَّابَةٍ أَوْ وُسْطَى أَوْ خِنْصَرٍ أَوْ بِنْصِرٍ لَمْ يَمْنَعْ مِنَ الْإِجْزَاءِ بِخِلَافِ الْيَدِ لِأَنَّ مَنَافِعَهَا مِنَ الرِّجْلِ مُتَقَارِبَةٌ وَفِي الْيَدِ مُتَفَاضِلَةٌ، فَإِنْ جَمَعَ بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْهُمَا فِي رِجْلٍ وَاحِدَةٍ، مَنَعَ مِنَ الْإِجْزَاءِ، لِأَنَّ اجْتِمَاعَهُمَا مُضِرٌّ بِالْمَشْيِ، وَشَلَلُ الْإِصْبَعِ يَقُومُ مَقَامَ قَطْعِهَا وَكَذَلِكَ شَلَلُ الْيَدِ وَالرِّجْلِ.

(فَصْلٌ:)

وَأَمَّا قَطْعُ الْأَنَامِلِ فَإِنْ قُطِعَتْ أُنْمُلَتَانِ مِنْ إِصْبَعٍ كَانَ قَطْعُهَا كَقَطْعِ تِلْكَ الْأَصَابِعِ، فَإِنْ قُطِعَتَا مِنْ إِحْدَى الْأَصَابِعِ الثَّلَاثِ الْإِبْهَامِ أَوِ السَّبَّابَةِ أَوِ الْوُسْطَى لم تجزه، وإن قطعتا من إحدى إصبعين البنصر أو الخنصر أجزأ، وإن قطع أُنْمُلَةٌ وَاحِدَةٌ مِنْ إِصْبَعٍ نُظِرَ فَإِنْ كَانَتْ مِنَ الْإِبْهَامِ لَمْ تُجْزِهِ لِأَنَّهَا ذَاتُ أُنْمُلَتَيْنِ يَذْهَبُ بِإِحْدَاهُمَا أَكْثَرُ مَنَافِعِهَا، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ إِحْدَى الْأَصَابِعِ الْأَرْبَعِ ذَوَاتِ الْأَنَامِلِ الثَّلَاثِ أَجْزَأَ لِأَنَّهُ قَدْ بَقِيَ أَكْثَرُهَا فَبَقِيَ أَكْثَرُ مَنَافِعِهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَصْلٌ:)

وَأَمَّا الْجَبُّ وَالْخِصَاءُ فَلَا يَنْفَعَانِ مِنَ الْإِجْزَاءِ لِأَنَّهُمَا لَا يَضُرَّانِ بِالْعَمَلِ وَكَذَلِكَ جَدْعُ الْأَنْفِ وَقَطْعُ الْأُذُنِ، فَأَمَّا شِجَاجُ الرَّأْسِ وَجِرَاحُ الْبَدَنِ فَإِنِ انْدَمَلَتْ مَعَ سَلَامَةِ الْأَعْضَاءِ لَمْ تَمْنَعْ مِنَ الْإِجْزَاءِ وَإِنْ شَانَتْ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُضِرَّةٍ بِالْعَمَلِ وَإِنْ لَمْ تَنْدَمِلْ أَجْزَأَ مَا دُونَ مَأْمُومَةِ الرَّأْسِ وَجَائِفَةِ الْبَدَنِ لِأَنَّهَا غَيْرُ مَخُوفَةٍ وَلَمْ يُجْزِ مِنْهَا مَأْمُومَةُ الرَّأْسِ وَجَائِفَةُ الْبَدَنِ، لِأَنَّهُمَا قَبْلَ الِانْدِمَالِ مَخْوفَتَانِ.

[(مسألة:)]

قال الشافعي رضي الله عنه: (وَيَكُونُ يَعْقِلُ) .

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ لِأَنَّ بِالْعَقْلِ تَصِحُّ الْأَعْمَالُ وَتَسْتَقِيمُ الْأَحْوَالُ، فَإِنْ كَانَ مَجْنُونًا قَدْ أَطْبَقَ عَلَيْهِ الْجُنُونُ لَمْ يُجْزِهِ لِفَوَاتِ عَمَلِهِ، وَإِنْ كَانَ يُجَنُّ فِي زَمَانٍ وَيُفِيقُ فِي زَمَانٍ نُظِرَ فَإِنْ كَانَ زَمَانُ جُنُونِهِ أَكْثَرَ مِنْ زَمَانِ إِفَاقَتِهِ لَمْ يُجْزِهِ، فََإِنْ كَانَ زَمَانُ إِفَاقَتِهِ أَكْثَرَ مِنْ زَمَانِ جُنُونِهِ نُظِرَ فَإِنْ بَقِيَ فِي زَمَانِ إِفَاقَتِهِ سَدِرًا مَضْعُوفًا لَا يَقْدِرُ عَلَى الْعَمَلِ إِلَّا بَعْدَ حِينٍ لَمْ يُجْزِهِ وَإِنْ زَالَ عَنْهُ السَّدَرُ بِالْإِفَاقَةِ وَقَدَرَ عَلَى التَّصَرُّفِ فِي الْعَمَلِ أَجْزَأَهُ فَأَمَّا الْأَبْلَهُ فَإِنْ كَانَ بَلْهَ بَلَادَةٍ وَدَهَشٍ لَمْ يُجْزِهِ لِتَأْثِيرِهِ فِي الْعَمَلِ، وَإِنْ كَانَ بَلَهَ سَلَامَةٍ وَقِلَّةِ فِطْنَةٍ أَجْزَأَهُ. فَأَمَّا الْمُغْمَى عَلَيْهِ فَيُجْزِئُ لِأَنَّ الْإِغْمَاءَ مَرَضٌ يُرْجَى بُرْؤُهُ وَأَمَّا الْأَحْمَقُ فَيُجْزِئُ وَهُوَ الَّذِي يَضَعُ كَلَامَهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ فَيَأْتِي بِالْحَسَنِ فِي مَوْضِعِ الْقَبِيحِ وَبِالْقَبِيحِ فِي مَوْضِعِ الْحَسَنِ وَهَذَا غير مضر بالعمل فأجزأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>