للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كل من أحلفته ليخرج من شيء وكذلك قلت إن نكل عن اليمين في مال أو غصب أو جرح عمد حكمت عليه بذلك كله قال نعم قلت فلم لا تقول في المرأة إنك تحلفها لتخرج من الحد وقد ذكر الله تعالى أنها تدرأ بذلك عن نفسها العذاب فإذا لم تخرج من ذلك فلم لم توجب عليها الحد كما قلت في الزوج وفيمن نكل عن اليمين وليس في التنزيل أن الزوج يدرأ بالشهادة حدا وفي التنزيل أن للمرأة أن تدرأ بالشهادة العذاب وهو الحد عندنا وعندك وهو المعقول والقياس وقلت له لو قالت لك لم حبستني وأنت لا تحبس إلا بحق؟ قال أقول حبستك لتحلفي فتخرجي به من الحد فقالت فإذا لم أفعل فأقم الحد علي قال لا قالت فالحبس حد قال لا فقال قالت فالحبس ظلم لا أنت أقمت علي الحد ولا منعت عني حبساً ولن تجد حبسي في كتاب ولا سنة ولا إجماع ولا قياس على أحدها قال فإن قلت فالعذاب الحبس فهذا خطأ فكم ذلك مائة يوم أو حتى تموت وقد قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ المؤمنين} أفتراه عني الحد أم الحبس؟ قال بل الحد وما السجن بحد والعذاب في الزنا الحدود ولكن السجن قد يلزمه اسم عذاب قلت والسفر والدهق والتعليق كل ذلك يلزمه اسم عذاب قال والذين يخالفوننا في أن لا يجتمعا أبدا وروي فيه عن عمر وعلي وابن مسعود رضوان الله عليهم لا يجتمع المتلاعنان أبدا رجع بعضهم إلى ما قلنا وأبى بعضهم ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا أَرَادَ بِهِ أَبَا يُوسُفَ، فَإِنَّ أَبَا يُوسُفَ يُوجِبُ الْحَدَّ عَلَى الزَّوْجِ إِذَا امْتَنَعَ مِنَ اللِّعَانِ، وَلَا يُوجِبُ الْحَدَّ على الزوجة إذا امتنعت منه ويحسبها حَتَّى تُلَاعِنَ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يُحَدَّانِ مَعًا وَيُحْبَسَانِ حَتَّى يُلَاعِنَانِ، وَعَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ: أَنَّهُمَا يُحَدَّانِ وَلَا يُحْبَسَانِ، فَصَارَ أَبُو يُوسُفَ مُوَافِقًا لِأَبِي حَنِيفَةَ فِي حَبْسِ الزَّوْجَةِ، وَمُوَافِقًا لِلشَّافِعِيِّ فِي حَدِّ الزَّوْجِ، وَحَبْسُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَطَأٌ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ} [النور: ٤٨] . فَدَلَّ عَلَى أَنَّ تَرْكَهَا لِلشَّهَادَةِ مُوجِبٌ لِتَوَجُّهِ الْعَذَابِ عَلَيْهَا.

فَإِنْ قَالَ: فَالْحَبْسُ عَذَابٌ، قِيلَ: فَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النور: ٢] أَفَيُحْبَسُ الشُّهُودُ مَعَهُمَا؟ ثُمَّ يُقَالُ لَهُ: جَعَلْتَ الْحَبْسَ عَذَابًا لَهُمَا؛ لِأَنَّهُ الْعَذَابُ الْمَخْصُوصُ بِالزِّنَا وَالْقَذْفِ، أَوْ لِأَنَّهُ نَوْعٌ مِنْ أَنْوَاعِ الْعَذَابِ فَإِنْ قَالَ: لِأَنَّهُ الْعَذَابُ الْمَخْصُوصُ بِالزِّنَا قِيلَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَذَّبَ الزَّانِيَ بِالْحَدِّ لَا بِالْحَبْسِ. وَإِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>