للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لُحُوقُهُ عَلَى اعْتِرَافِ الزَّوْجِ بِهِ، فَإِنْ أَنْكَرَهُ لَمْ يَنْتَفِ عَنْهُ إِلَّا بِأَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، إِمَّا بِأَنْ يَقُولَ لَمْ تَلِدْهُ وَإِنَّهَا الْتَقَطَتْهُ أَوِ اسْتَعَارَتْهُ فَيَحْلِفُ إِنْ عُدِمَتِ الْبَيِّنَةُ وَيَنْتَفِي عَنْهُ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ، وَإِمَّا أَنْ يَقْذِفَهَا إِذَا اعْتَرَفَتْ بِوِلَادَتِهَا وَيُلَاعِنَ مِنْهَا فَيَنْتَفِي عَنْهُ بِقَذْفِهِ وَلَا يَنْتَفِي بِغَيْرِهِمَا وَإِنْ كَانَ مُنْكِرًا لَهُ.

[(مسألة)]

قال الشافعي " وَلَوْ قَالَ لَمْ تَزْنِ بِهِ وَلَكِنَّهَا عَصَتْ لَمْ يُنْفَ عَنْهُ إِلَّا بِلِعَانٍ وَوَقَعَتِ الْفُرْقَةُ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَشْتَمِلُ عَلَى فَصْلَيْنِ اخْتَلَطَ فِيهَا كَلَامُ أَصْحَابِنَا وَلَمْ يَتَحَرَّرْ، وَنَحْنُ نَذْكُرُ مَا اشْتَمَلَ عَلَى فُصُولِهَا مِنَ الْأَقْسَامِ وَنَجْتَهِدُ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ فِي تَحْرِيرِ الْأَجْوِبَةِ.

فَإِنْ نَسَبَ وَلَدَ امْرَأَتِهِ إِلَى وَطْءِ غَيْرِهِ لَمْ يخل من أربعة أقسام:

أحدها: أن يقذفهما بِالزِّنَا.

وَالثَّانِي: أَنْ يَقْذِفَ الرَّجُلَ دُونَ الْمَرْأَةِ.

وَالثَّالِثُ: أَنْ يَقْذِفَ الْمَرْأَةَ دُونَ الرَّجُلِ.

وَالرَّابِعُ: أَلَّا يَقْذِفَ وَاحِدًا مِنْهُمَا.

فَأَمَّا الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: وَهُوَ أَنْ يَقْذِفَهُمَا مَعًا بِالزِّنَا فَيَقُولُ: زَنَيْتِ بفلان، أو زنا بِكِ رَجُلٌ، فَيَجُوزُ أَنْ يُلَاعِنَهَا وَيَنْفِيَ بِهِ وَلَدَهَا سَوَاءٌ سَمَّى الزَّانِيَ أَوْ لَمْ يُسَمِّهِ، فَإِنَّ هِلَالَ بْنَ أُمَيَّةَ سَمَّى الزَّانِيَ وَالْعَجْلَانِيَّ لَمْ يُسَمِّهِ، وَهَذَا الْقِسْمُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

(فَصْلٌ)

أَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي: وَهُوَ أَنْ يَقْذِفَ بِالزِّنَا الرَّجُلَ دُونَ الْمَرْأَةِ، فَصُورَتُهُ أَنْ يَقُولَ: اغْتُصِبْتِ فَاسْتُكْرِهْتِ عَلَى نَفْسِكِ فَيَكُونُ قَذْفًا لِلْمُغْتَصِبِ دُونَهَا، وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْكِتَابِ، فَيَجُوزُ أَنْ يَلْتَعِنَ بِهَذَا الْقَذْفِ وَيَنْفِيَ وَلَدَهَا سَوَاءٌ سَمَّى الْمُغْتَصِبَ أَوْ لم يسمه، وحكي، عن الزني فِي جَامِعِهِ الْكَبِيرِ: إِنَّهُ إِنْ سَمَّى الْمُغْتَصِبَ لَاعَنَ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّهِ لَمْ يُلَاعِنْ، لِأَنَّ الْحَدَّ يَجِبُ عَلَيْهِ إِذَا سَمَّاهُ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ إِذَا لَمْ يُسَمِّهِ، وَاللِّعَانُ عِنْدَهُ لَا يَجُوزُ إِلَّا فِي قَذْفٍ يُوجِبُ الْحَدَّ وَنَظَرْتُ فِي جَامِعِهِ فَلَمْ أَرَهُ مُصَرِّحًا بِذَلِكَ وَإِنْ كَانَ كَلَامُهُ مُحْتَمِلًا وَلَيْسَ لِهَذَا الْقَوْلِ وَجْهٌ إِنْ صَحَّ عَنْهُ لِأَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ تَسْمِيَةَ الْمَقْذُوفِ مِنْ شُرُوطِ اللِّعَانِ كَالْمَقْذُوفِينَ، وَلَا سُقُوطُ الْحَدِّ بِمَانِعٍ مِنْ لِعَانِهِ فِي نَفْيِ النَّسَبِ كَالْمَجْنُونِينَ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَمَّا كَانَ هَذَا الْوَطْءُ فِي إِفْسَادِ الْفِرَاشِ كَغَيْرِهِ وَجَبَ أَنْ يُسَاوِيَهُ فِي نَفْيِ النَّسَبِ بِلِعَانِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>