للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدُهُمَا: يَبْنِي إِذَا قِيلَ إِنَّهُ لَوْ تَبَيَّنَ الْخَطَأُ بَعْدَ الْفَرَاغِ لَمْ يُعِدْ

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: يَسْتَأْنِفُ إِذَا قِيلَ: لَوْ تَيَقَّنَ الْخَطَأَ بَعْدَ الْفَرَاغِ أَعَادَ، وَإِنْ كَانَ عَلَى اجْتِهَادٍ فَعَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: يُبْنَى عَلَى الْجِهَةِ الْأَوْلَى وَلَا يَسْتَدْبِرُ إِلَى الثَّانِيَةِ؛ لِاسْتِقْرَارِ حُكْمِ اجْتِهَادِهِ الْأَوَّلِ بِالدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ يَسْتَدْبِرُ إِلَى الْجِهَةِ الثَّانِيَةِ، كَمَا لَوْ بَانَ لَهُ صَلَاةٌ ثَانِيَةٌ، لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقِيمَ عَلَى اسْتِقْبَالِ جِهَةٍ يَعْتَقِدُهَا غَيْرَ قِبْلَةٍ فَعَلَى هَذَا إِذَا اسْتَدَارَ إِلَيْهَا بَنَى عَلَى صَلَاتِهِ، لِأَنَّ الِاجْتِهَادَ لَا يَنْقُضُ الِاجْتِهَادَ أَلَا تَرَاهُ لَوْ عَلِمَ ذَلِكَ بَعْدَ [الْفَرَاغِ] لَمْ يُعِدْ

(فَصْلٌ)

: فَإِذَا تَقَرَّرَ مَا ذَكَرْنَا فَإِنْ لَزِمَهُ الْبِنَاءُ عَلَى جِهَةٍ مِنْ غَيْرِ انْحِرَافٍ عَلَى مَا وَصَفْنَا مِنَ الشَّرْعِ فَهُوَ عَلَى حَالِهِ يَبْنِي عَلَى صَلَاتِهِ إِمَامًا كَانَ أَوْ مَأْمُومًا، أَوْ مُنْفَرِدًا [وَإِنْ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ اسْتَأْنَفَ إِمَامًا كَانَ أَوْ مَأْمُومًا أَوْ مُنْفَرِدًا] ، فَأَمَّا إِنْ لَزِمَهُ الِانْحِرَافُ وَالْبِنَاءُ لَمْ يَخْلُ حَالُهُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ مُنْفَرِدًا فَيَنْحَرِفُ وَيَبْنِي

وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مَأْمُومًا، فَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ قَدْ بَانَ لَهُ مِثْلُ ذَلِكَ تَحَرَّفَا جَمِيعًا، وَبَنَيَا وَإِنْ لَمْ يَبِنْ لِإِمَامِهِ مِثْلُ ذَلِكَ أَخْرَجَ نَفْسَهُ مِنْ إِمَامَتِهِ، وَبَنَى على صلاته فإن أقام على الائتمام مُنْحَرِفًا، أَوْ غَيْرَ مُنْحَرِفٍ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، لِاخْتِلَافِ جِهَتِهِ وَجِهَةِ إِمَامِهِ

وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ إماماً فإن ينحرف لم يَنْظُرْ فِي الْمَأْمُومِينَ، فَإِنْ بَانَ لَهُمْ مِثْلُ ذَلِكَ تَحَرَّفُوا بِانْحِرَافِهِ، وَبَنُوا مَعَهُ عَلَى الصَّلَاةِ وَإِنْ لَمْ يَبِنْ لَهُمْ مِثْلُ ذَلِكَ أَخْرَجُوا نُفُوسَهُمْ مِنْ إِمَامَتِهِ، فَإِنْ أَقَامُوا عَلَى الِائْتِمَامِ بِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُمْ، لِأَنَّهُمْ إِنِ انْحَرَفُوا فَهُمْ لَا يَرَوْنَ الِانْحِرَافَ قِبْلَةً وَإِنْ لَمْ يَنْحَرِفُوا فَعِنْدَهُمْ أَنَّ إِمَامَهُمْ إِلَى غَيْرِ قِبْلَةٍ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِمْ أَعْمَى فَيَنْحَرِفُ بِانْحِرَافِ إِمَامِهِ ويجزئه؛ لأن الأعمى لابد أَنْ يَكُونَ مُتَابِعًا لِغَيْرِهِ فِي الْقِبْلَةِ فَكَانَ اتِّبَاعُهُ لِإِمَامِهِ أَوْلَى مِنَ اتِّبَاعِهِ لِغَيْرِ إِمَامِهِ، وَلِأَنَّهُ دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ فِي اجْتِهَادِ إِمَامِهِ

(فَصْلٌ)

: إِذَا دَخَلَ الْبَصِيرُ فِي صَلَاتِهِ بِاجْتِهَادٍ ثُمَّ شَكَّ فِي الْقِبْلَةِ فِي تَضَاعِيفِهَا بَنَى عَلَى صَلَاتِهِ وَلَا حُكْمَ لِلشَّكِّ الطَّارِئِ، لِأَنَّهُ عَلَى الْقِبْلَةِ مَا لَمْ يَرَ غَيْرَهَا، وَلَوْ دَخَلَ فِي صَلَاتِهِ شَاكًّا فِي الْقِبْلَةِ ثُمَّ عَلِمَ صَوَابَهَا فِي تَضَاعِيفِ صَلَاتِهِ اسْتَأْنَفَهَا، لِأَنَّ مَا ابْتَدَأَ مِنْهَا مَعَ الشَّكِّ بَاطِلٌ، وَلَوْ كَانَ الْبَصِيرُ فِي ظُلْمَةٍ وَخَفِيَتْ عَلَيْهِ الدَّلَائِلُ فَصَلَّى عَلَى غَالِبِ ظَنِّهِ ثُمَّ عَلِمَ صَوَابَ جهته

<<  <  ج: ص:  >  >>