للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَكُونُ حَيْضًا، وَاسْتَقْبَلَتْ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ كَامِلَةً.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: تَحِيضُ سِتَّةَ أَيَّامٍ أَوْ سَبْعَةَ أَيَّامٍ، فَإِنْ طُلِّقَتْ فِي شَهْرٍ قَدْ بَقِيَ مِنْهُ أَكْثَرُ مِنْ سِتَّةِ أَوْ سَبْعَةِ أَيَّامٍ اعْتَدَّتْ بِبَقِيَّتِهِ قُرْءًا، وَإِنْ بَقِيَ مِنْهُ هَذَا الْقَدْرُ فَمَا دُونَ لَمْ تَعْتَدَّ بِبَقِيَّتِهِ فَهَذَا حُكْمُ قَوْلِهِ: أَنْ يُجْعَلَ لَهَا فِي كُلِّ شَهْرٍ حَيْضَةٌ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ أَمْرَهَا مُشْكِلٌ وَكُلَّ زَمَانِهَا شَكٌّ وَلَا يُحْكَمُ لَهَا فِي كُلِّ شَهْرٍ بِحَيْضٍ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ فِي أَكْثَرَ مِنْهُ فَعَلَى هَذَا تَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ كَامِلَةٍ مِنْ وَقْتِ طَلَاقِهَا سَوَاءٌ كَانَ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ أَوْ تَضَاعِيفِهِ، وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ لِقَوْلِ اللَّهُ تَعَالَى: {وَاللائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ} [الطلاق: ٤] . وَهَذِهِ مُرْتَابَةٌ فَتَكُونُ عِدَّتُهَا ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ غَيْرَ أَنَّهَا تَكُونُ شُهُورَ إِقْرَاءٍ لَا شُهُورَ إِيَاسٍ، وَفِي هَذَا الْحُكْمِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ دَخَلَتْ لَوْلَا الضَّرُورَةُ الدَّاعِيَةُ إِلَى إِمْضَائِهِ وَالْعَمَلِ بِهِ، وَيَكُونُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ أَنَّهَا تَعْتَدُّ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ تَارَةً بِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ، وَتَارَةً بِأَكْثَرَ مِنْهَا، وَتَعْتَدُّ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ لَا تَزِيدُ عَلَيْهَا وَلَا تنقص - والله أعلم -.

[(مسألة)]

قال الشافعي رضي الله تعالى عنه: " وَلَوْ كَانَتْ تَحِيضُ يَوْمًا وَتَطْهُرُ يَوْمًا وَنَحْوُ ذَلِكَ جُعِلَتْ عِدَّتُهَا تَنْقَضِي بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ وَذَلِكَ الْمَعْرُوفُ مِنْ أَمْرِ النِّسَاءِ أَنَّهُنَّ يَحِضْنَ فِي كُلِّ شَهْرٍ حَيْضَةً فَلَا أَجِدُ مَعْنًى أَوْلَى بِعِدَّتِهَا مِنَ الشُّهُورِ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ، إِذَا رَأَتِ الْمَرْأَةُ يَوْمًا دَمًا وَيَوْمًا نَقَاءً، وَاسْتَدَامَ ذَلِكَ بِهَا فَفِيهَا قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا مُسْتَحَاضَةٌ فِي أَيَّامِ الدَّمِ وَأَيَّامِ النَّقَاءِ، وَيَكُونُ حُكْمُهَا كَالَّتِي طَبَقَ بِهَا الدَّمُ وَاسْتَمَرَّ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْلَيْنِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهَا تُلَفِّقُ أَيَّامَ الدَّمِ بَعْضَهَا إِلَى بَعْضٍ، وَأَيَّامَ النَّقَاءِ بَعْضَهَا إِلَى بَعْضٍ فَتُلَفِّقُ لَهَا مِنَ الشَّهْرِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا دَمًا وَهِيَ أَكْثَرُ الحيض، وخمسة عشر يوماً أَيَّامِ الدَّمِ كَانَ طَلَاقَ بِدْعَةٍ، وَإِنْ طُلِّقَتْ فِي أَيَّامِ النَّقَاءِ كَانَ طَلَاقَ سُنَّةٍ، وَهَذَا إِنْ عَدِمَتِ التَّمْيِيزَ وَالْعَادَةَ وَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ، لِأَنَّ الْأَغْلَبَ مِنْ أَحْوَالِ النِّسَاءِ أَنْ تَحِيضَ فِي كُلِّ شَهْرٍ حَيْضَةً فَأُجْرِيَ عَلَيْهَا حُكْمُ الْأَغْلَبِ مِنْ أَحْوَالِهِنَّ، وَيَكُونُ اخْتِلَافُ الْقَوْلَيْنِ فِي التَّلْفِيقِ مُؤَثِّرًا فِي ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ:

أَحَدُهَا: أَنَّهَا بِالتَّلْفِيقِ، يَكُونُ لَهَا حَيْضٌ وَطُهْرٌ وَلَا تَكُونُ مُسْتَحَاضَةً، وَإِذَا لَمْ تُلَفِّقْ كَانَتْ مُسْتَحَاضَةً.

<<  <  ج: ص:  >  >>