للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اعْتَدَّتْ بِالشُّهُورِ ثُمَّ حَاضَتْ لَمْ يَخْلُ حَيْضُهَا مِنْ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الشُّهُورِ أَوْ قَبْلَهَا، فَإِنْ كَانَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الشُّهُورِ أَجْزَأَتْهَا الْعِدَّةُ بِالشُّهُورِ، وَإِنْ صَارَتْ بَعْدَهَا مِنْ ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ لِلْحُكْمِ بِانْقِضَائِهَا وَلَمْ يُؤَثِّرْ حُدُوثُ الْحَيْضِ كَمَا لَوِ اعْتَدَّتْ بِالْأَقْرَاءِ ثُمَّ صَارَتْ مُؤَيَّسَةً أَجْزَأَتْهَا الْأَقْرَاءُ، وَإِنْ صَارَتْ بَعْدَهَا مِنْ ذَوَاتِ الشُّهُورِ.

فَإِنْ قِيلَ: أَفَلَيْسَ لَوِ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِالْأَقْرَاءِ ثُمَّ ظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ انْتَقَلَتْ إِلَيْهِ بَطَلَ الْأَقْرَاءُ، فَهَلَّا كَانَتِ الصَّغِيرَةُ فِي حُدُوثِ الحيض كذلك؟ قيل؛ - لأن الحمل متقدما على الأقراء ما انْتَقَلَتْ إِلَى الِاعْتِدَادِ بِالشُّهُورِ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَلْفِيقُ الْعِدَّةِ مِنْ جِنْسَيْنِ شُهُورٍ وَأَقْرَاءٍ حَتَّى تَسْتَكْمِلَ أَحَدَ الْجِنْسَيْنِ مِنْ أَقَرَاءٍ وَشُهُورٍ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ: " اسْتَقْبَلَتِ الْأَقْرَاءَ " فَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا لِأَجْلِ هَذَا الِاحْتِمَالِ فِيمَا مَضَى مِنْ طُهْرِهَا هَلْ تَعْتَدُّ بِهِ قُرْءًا أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي الْعَبَّاسِ بْنِ سُرَيْجٍ أَنَّهَا تَعْتَدُّ بِهِ قُرْءًا؛ لِأَنَّ الْقُرْءَ هُوَ طُهْرٌ بَعْدَهُ حَيْضٌ، فَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ حَيْضٌ كَمَا لَوْ طُلِّقَتْ فِي طهرها اعتدت به؛ لأن بعده حيض وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ حَيْضٌ؛ لِأَنَّ مَا مَضَى مِنَ الْحَيْضِ قَبْلَ الطَّلَاقِ لَا يُحْتَسَبُ فِي عِدَّةِ الطَّلَاقِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي سَعِيدٍ الْإِصْطَخْرِيِّ أَنَّهَا لَا تَعْتَدُّ بِمَا مَضَى مِنَ الطُّهْرِ قُرْءًا وَلْتَسْتَقْبِلْ ثَلَاثَةَ أَقْرَاءٍ؛ لِأَنَّ القرء هو طهرين حيضتين فَلَمَّا كَانَ فَقْدُ الْحَيْضَةِ الثَّانِيَةِ فِي الِانْتِهَاءِ تَمْنَعُ مِنْ أَنْ تَكُونَ قُرْءًا، كَانَ فَقْدُ الْحَيْضَةِ الْأَوْلَى فِي الِابْتِدَاءِ أَوْلَى بِالْمَنْعِ مِنْ أَنْ تَكُونَ قُرْءًا؛ وَلِأَنَّهَا لَوِ اعْتَدَّتْ بِقُرْءٍ ثُمَّ طَرَأَ عَلَيْهَا الْإِيَاسُ لَمْ تَحْتَسِبْ بِزَمَانِ الْقُرْءِ وَشَهْرٍ وَلْتَسْتَقْبِلَنَّ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ لِئَلَّا تُلَفَّقَ عِدَّةٌ مِنْ جِنْسَيْنِ كَذَلِكَ حَيْضُ الصَّغِيرَةِ لَا يُوجِبُ احْتِسَابَ مَا مَضَى مِنَ الشُّهُورِ قُرْءًا لِئَلَّا يَجْمَعَ فِي عِدَّتَيْنِ جِنْسَيْنِ.

(مَسْأَلَةٌ)

قَالَ الشافعي: " وَأَعْجَبُ مَنْ سَمِعْتُ بِهِ مِنَ النِّسَاءِ يَحِضْنَ نساء تهامة لِتِسْعِ سِنِينَ فَتَعْتَدُّ إِذَا حَاضَتْ مِنْ هَذِهِ السِّنِّ بِالْأَقْرَاءِ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: فَقَدْ مَضَى فِي كِتَابِ الْحَيْضِ أَنَّ أَقَلَّ الزَّمَانِ الَّذِي تَحِيضُ فِيهِ النِّسَاءُ تِسْعُ سِنِينَ اعْتِبَارًا بِالْوُجُودِ، وَأَنَّهُ لَمْ يَجُزْ بِذَلِكَ عَادَةٌ مُسْتَمِرَّةٌ فَإِنْ وُجِدَتْ عَادَةٌ فِي الْحَيْضِ لِأَقَلَّ مِنْ تِسْعِ سِنِينَ من السَّلَامَةِ مِنَ الْعَوَارِضِ، إِمَّا فِي ثَلَاثِ نِسَاءٍ حِضْنَ لِأَقَلَّ مِنْ تِسْعٍ، وَإِمَّا فِي امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ حَاضَتْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لِأَقَلَّ مِنْ تِسْعِ سِنِينَ انْتَقَلْنَا عَنِ التِّسْعِ فِي أَقَلِّهِ إِلَى مَا وَجَدْنَاهُ غَيْرَ أَنَّنَا لَمْ نَجِدْ ذَلِكَ فَوَقَفْنَا فِي الْأَقَلِّ عَلَى مَا اسْتَقَرَّ وُجُودُهُ وَهُوَ تِسْعُ سِنِينَ، فَلَوْ أَنَّ مُعْتَدَّةً رَأَتِ الدَّمَ لِأَقَلَّ مِنْ تِسْعِ سِنِينَ كَانَ دَمَ فساد ولم

<<  <  ج: ص:  >  >>