للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(باب في عدة الأمة)]

قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ " فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَ الْأَحْرَارِ وَالْعَبِيدِ فِي حَدِّ الزِّنَا فَقَالَ فِي الإماء {فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة} الْآيَةَ وَقَالَ تَعَالَى {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} وَذَكَرَ الْمَوَارِيثَ فَلَمْ يَخْتَلِفْ أَحَدٌ لَقِيتُهُ أَنَّ ذَلِكَ فِي الْأَحْرَارِ دُونَ الْعَبِيدِ وَفَرَضَ اللَّهُ الْعِدَّةَ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ وَفِي الْمَوْتِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وعشراً وسن - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنْ تُسْتَبْرَأَ الْأَمَةُ بِحَيْضَةٍ وَكَانَتِ الْعِدَّةُ فِي الْحَرَائِرِ اسْتِبْرَاءً وَتَعَبُّدًا وَلَمْ أَعْلَمْ مُخَالِفًا مِمَّنْ حَفِظْتُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي أَنَّ عدة الأمة نصف عدة الحرة فيما له نِصْفٌ مَعْدُودٌ فَلَمْ يَجُزْ إِذَا وَجَدْنَا مَا وَصَفْنَا مِنَ الدَّلَائِلَ عَلَى الْفَرْقِ فِيمَا ذَكَرْنَا وَغَيْرِهِ إِلَّا أَنْ نَجْعَلَ عِدَّةَ الْأَمَةِ نِصْفَ عِدَّةِ الْحُرَّةِ فِيمَا لَهُ نِصْفٌ فَأَمَّا الْحَيْضَةُ فَلَا يُعْرَفُ لَهَا نِصْفٌ فَتَكُونَ عِدَّتُهَا فِيهِ أَقْرَبَ الْأَشْيَاءِ مِنَ النِّصْفِ إِذَا لَمْ يَسْقُطْ مِنَ النِّصْفِ شَيْءٌ وَذَلِكَ حَيْضَتَانِ. وَأَمَّا الْحَمْلُ فَلَا نِصْفَ لَهُ كَمَا لَمْ يَكُنْ لِلْقَطْعِ نِصْفٌ فَقُطِعَ الْعَبْدُ وَالْحُرُّ قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُطَلِّقُ الْعَبْدُ تَطْلِيقَتَيْنِ وَتَعْتَدُّ الْأَمَةُ حَيْضَتَيْنِ فَإِنْ لَمْ تَحِضْ فَشَهْرَيْنِ أَوْ شَهْرًا وَنِصْفًا ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: إِذَا طُلِّقَتِ الْأَمَةُ فَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ وَالْعِدَّةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: عِدَّةٌ بِالْحَمْلِ، وَعِدَّةٌ بِالْأَقْرَاءِ وَعِدَّةٌ بِالشُّهُورِ.

فَأَمَّا الْعِدَّةُ بِالْحَمْلِ فَتَسْتَوِي فِيهِ الْحُرَّةُ وَالْأَمَةُ فَلَا تَنْقَضِي عِدَّتُهَا إلا بوضع الحمل لِقَوْلِ اللَّهِ: {وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: ٤] وَلِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " عِدَّةُ كُلِّ ذَاتِ حَمْلٍ أَنْ تَضَعَ حَمْلَهَا " وَلِأَنَّ مَوْضِعَ الْعِدَّةِ لِاسْتِبْرَاءِ الرَّحِمِ، وَلَا يَبْرَأُ رَحِمُ الْحَامِلِ إِلَّا بِالْوِلَادَةِ فَاسْتَوَتْ فِيهِ الْحُرَّةُ والأمة وأما العدة بالأقراء، فعدة الأمة قرءان بِخِلَافِ الْحُرَّةِ.

وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَأَبُو حَنِيفَةَ وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ:

وَقَالَ دَاوُدُ وَأَهْلُ الظَّاهِرِ: عِدَّتُهَا ثَلَاثَةُ أَقْرَاءٍ كَالْحُرَّةِ اسْتِدْلَالًا بقول الله تعالى: {والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاث قُرُوءٍ} [البقرة: ٢٢٨] وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ حُرَّةٍ وَأَمَةٍ، كَمَا لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ مُسْلِمَةٍ وَذِمِّيَّةٍ، وَلِأَنَّ الْأَمَةَ لِمَّا سَاوَتِ الْحُرَّةَ فِي الْعِدَّةِ بِالْحَمْلِ وجب

<<  <  ج: ص:  >  >>