للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَبِهِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ: تَسْتَأْنِفُ الْعِدَّةَ مِنَ الطَّلَاقِ الثَّانِي وَلَا تَبْنِي عَلَى مَا مَضَى مِنْ عِدَّةِ الْخُلْعِ كَمَا لَا تَبْنِي عَلَى مَا مَضَى مِنْ عِدَّةِ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ وَهَذَا فَاسِدٌ، لِأَنَّ الْمُخْتَلِعَةَ اسْتَأْنَفَ نِكَاحَهَا بِعَقْدٍ ثَانٍ خَلَا مِنْ دُخُولٍ فَلَمْ يَجِبْ بِالطَّلَاقِ فِيهِ عِدَّةٌ وَلَزِمَهَا أَنْ تَأْتِيَ بِالْبَاقِي مِنْ عِدَّةِ الطَّلَاقِ الْأَوَّلِ وَلَيْسَتِ الْمُطَلَّقَةُ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ رَاجَعَهَا فَصَارَتْ مَعَهُ بَعْدَ الرَّجْعَةِ بِالْعَقْدِ الْأَوَّلِ وَقَدِ اسْتَقَرَّ فِي حُكْمِ الدُّخُولِ فَجَرَى عَلَى مَا بَعْدَ الرَّجْعَةِ حُكْمُ الدُّخُولِ فَجَازَ أَنْ تَسْتَأْنِفَ الْعِدَّةَ بَعْدَ الطَّلَاقِ الثَّانِي، وَهَذَا فَرْقٌ، وَدَلِيلٌ، وَلَكِنْ نُحَرِّرُهُ قِيَاسًا، فَنَقُولُ: كُلُّ عَقْدٍ لَمْ يُوجِبِ الْعِدَّةَ بِانْفِرَادِهِ لَمْ يُوجِبْهَا بِانْضِمَامِهِ إِلَى غَيْرِهِ كَالْعَقْدِ الْفَاسِدِ.

(فَصْلٌ)

وَأَمَّا الْفَرْعُ الثَّانِي فَهُوَ أَنْ يُطَلِّقَهَا بَعْدَ الدُّخُولِ ثُمَّ يُرَاجِعَهَا ثُمَّ يُخَالِعَهَا بَعْدَ الرَّجْعَةِ مِنْ غَيْرِ إِصَابَةٍ.

فَإِنْ قِيلَ: إِنَّ الْخُلْعَ طَلَاقٌ صَارَ كَمَا لَوْ طَلَّقَ ثُمَّ رَاجَعَ ثُمَّ طَلَّقَ فَهَلْ تَبْنِي على العدة أن تَسْتَأْنِفُهَا عَلَى مَا مَضَى مِنَ الْقَوْلَيْنِ.

وَإِنْ قِيلَ: إِنَّ الْخُلْعَ فَسْخٌ فَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِيهِ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ كَالطَّلَاقِ أَيْضًا فَتَكُونُ عَلَى قَوْلَيْنِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ الْفَسْخَ جِنْسٌ يُخَالِفُ جِنْسَ الطَّلَاقِ فَاقْتَضَى اخْتِلَافُهُمَا فِي الْجِنْسِ أَنْ لَا يَبْنِيَ عِدَّةَ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ، وَتَسْتَأْنِفُ الْعِدَّةَ بَعْدَ الْخُلْعِ وَلَا تَبْنِيهَا عَلَى عِدَّةِ الطَّلَاقِ الْأُولَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

(مَسْأَلَةٌ)

قال الشافعي: " وَلَوْ كَانَ طَلَاقًا لَا يَمْلِكُ فِيهِ الرَّجْعَةَ ثَمَّ عُتِقَتْ فَفِيهَا قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنْ تَبْنِيَ عَلَى الْعِدَّةِ الْأُولَى وَلَا خِيَارَ لَهَا وَلَا تَسْتَأْنِفُ عِدَةً لِأَنَّهَا لَيْسَتْ فِي مَعَانِي الْأَزْوَاجِ والثاني: أن تكمل عدة حرة (قَالَ الْمُزَنِيُّ) رَحِمَهُ اللَّهُ هَذَا أَوْلَى بِقَوْلِهِ ومما يدلك على ذلك قوله في المرأة تعتد بالشهور ثم تحيض إنها تستقبل الحيض ولا يجوز أن تكون في بعض عدتها حرة وهي تعتد عدة أمة وكذلك قال لا يجوز أن يكون في بعض صلاته مقيما ويصلي صلاة مسافر وقال هذا أشبه القولين بالقياس (قال المزني) رحمه الله وما احتج به من هذا يقضي على أن لا يجوز لمن دخل في صوم ظهار ثم وجد رقبة أن يصوم وهو ممن يجد رقبة ويكفر بالصيام ولا لمن دخل في الصلاة بالتيمم أن يكون ممن يجد الماء ويصلي بالتيمم كما قال لا يجوز أن تكون في عدتها ممن تحيض وتعتد بالشهور في نحو ذلك من أقاويله وقد سوى الشافعي رحمه الله في ذلك بين ما يدخل

<<  <  ج: ص:  >  >>