للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزَّوْجِ بِخِلَافِ الْغَرِيمِ إِذَا حَدَثَ؛ لِأَنَّهَا ضَرَبَتْ بِهَذَا الْقَدْرِ مَعَ الْعِلْمِ بِجَوَازِ الزِّيَادَةِ عَلَيْهِ وَخَالَفَ الْغَرِيمُ الَّذِي لَمْ يَعْلَمْ بِهِ.

وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ: إِنْ كَانَتِ الزِّيَادَةُ فِي مُدَّةِ الْحَمْلِ رَجَعَتْ بِهَا عَلَى الْغُرَمَاءِ، وَإِنْ كَانَتْ فِي مُدَّةِ الْأَقْرَاءِ لَمْ يُرْجَعْ بِهَا عَلَيْهِمْ، لِأَنَّ وَضْعَ الْحَمْلِ مُشَاهَدٌ يُمْكِنُ أَنْ تَقُومَ بِهِ بَيِّنَةٌ، وَمُدَّةَ الْأَقْرَاءِ مَظْنُونَةٌ لَا تَقُومُ بِهَا بَيِّنَةٌ وَيُرْجَعُ إِلَى قَوْلِهَا فِي حَقِّ الزَّوْجِ دُونَ غَيْرِهِ فَافْتَرَقَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

(مَسْأَلَةٌ)

قَالَ الشافعي رحمه الله تعالى: " وَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ الْمَسَائِلُ فِي مَوْتِهِ فَفِيهَا قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا مَا وَصَفْتُ وَمَنْ قَالَهُ احْتَجَّ بقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِفُرَيْعَةَ: " امْكُثِي فِي بَيْتِكِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ " وَالثَّانِي أَنَّ الِاخْتِيَارَ لِلْوَرَثَةِ أَنْ يَسْكُنُوهَا فَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا فَقَدْ مَلَكُوا دُونَهُ فَلَا سكنى لها كما لا نفقة لها ومن قاله قال أَنَّ قَوْلَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لفريعة: " امكثي في بيتك ما لم يخرجك منه أهلك " لأنها وصفت أن المنزل ليس لزوجها (قال المزني) هذا أولى بقوله لأنه لا نفقة لها حاملاً وغير حامل وقد احتج بأن الملك قد انقطع عنه بالموت (قال المزني) وكذلك قد انقطع عنه السكنى بالموت وقد أجمعوا أن من وجبت له نفقة وسكنى من ولد ووالد على رجل فمات انقطعت النفقة لهم والسكنى لأن ماله صار ميراثا لهم فكذلك امرأته وولده وسائر ورثته يرثون جميع ماله ".

قال الماوردي: أما النفقة فلا تجب فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ إِجْمَاعًا حَامِلًا كَانَتْ أَوْ حَائِلًا، وَفِي وُجُوبِ السُّكْنَى قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: لَا سُكْنَى لَهَا.

وَبِهِ قَالَ مِنَ الصَّحَابَةِ: عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ، وَعَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالْعِرَاقِيِّينَ وَاخْتِيَارُ الْمُزَنِيِّ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: لَهَا السُّكْنَى.

وَبِهِ قَالَ مِنَ الصَّحَابَةِ عُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَابْنُ عُمَرَ، وَابْنُ مَسْعُودٍ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَأُمُّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَكَثِيرٍ مِنَ الْفُقَهَاءِ.

وَاسْتَدَلَّ مَنْ أَسْقَطَ السُّكْنَى بِأَنَّ السُّكْنَى تَجْرِي مَجْرَى النَّفَقَةِ؛ لِأَنَّهَا تَجِبُ بِوُجُوبِهَا فِي الزَّوْجِيَّةِ وَتَسْقُطُ بِسُقُوطِهَا في النشور، وَقَدْ سَقَطَتِ النَّفَقَةُ بِالْمَوْتِ فَوَجَبَ أَنْ تَسْقُطَ بِهِ السُّكْنَى وَتَحْرِيرُهُ قِيَاسًا: أَنَّ مَا اسْتُحِقَّ فِي مُدَّةِ الزَّوْجِيَّةِ سَقَطَ فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ كَالنَّفَقَةِ؛ وَلِأَنَّ مِلْكَهُ قَدِ انْتَقَلَ بِمَوْتِهِ إِلَى وَارِثِهِ فَاقْتَضَى أَنْ لَا يَجِبَ السُّكْنَى عَلَى الزَّوْجِ لِزَوَالِ مِلْكِهِ كَمَا لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ النَّفَقَةُ، وَأَنْ لَا تَجِبَ عَلَى الْوَارِثِ الْمَالِكِ؛ لأن غَيْرُ زَوْجٍ كَمَا لَا تَجِبُ عَلَيْهِ النَّفَقَةُ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ وَجَبَتْ لَهَا السُّكْنَى حَامِلًا لَوَجَبَتْ لَهَا النَّفَقَةُ حَامِلًا

<<  <  ج: ص:  >  >>