للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَصْلٌ)

: قَالَ فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الْإِحْرَامَ مِنَ الصَّلَاةِ فَإِنْ كَانَتِ الصَّلَاةُ فُرَادَى أَسَرَّ الْمُصَلِّي بِالتَّكْبِيرِ، وَإِنْ كَانَتْ جَمَاعَةً جَهَرَ الْإِمَامُ بِالتَّكْبِيرِ وَأَسَرَّ بِهِ الْمَأْمُومُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْجَمْعُ كَثِيرًا، وَلَا بَأْسَ أَنْ يَجْهَرَ بِهِ عَدَدٌ مِنْهُمْ لِيَسْمَعَ جَمِيعُهُمْ - وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ -

(مَسْأَلَةٌ)

: قال الشافعي: " فإن لَمْ يُحْسِنِ الْعَرَبِيَّةَ كَبَّرَ بِلِسَانِهِ وَكَذَلِكَ الذِّكْرُ، وَعَلَيْهِ أَنْ يَتَعَلَّمَ "

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَمَّا إِنْ كَانَ يُحْسِنُ التَّكْبِيرَ بِالْعَرَبِيَّةِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُكَبِّرَ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ وَهُوَ قَوْلُ الْجَمَاعَةِ إِلَّا أبا حنيفة فَإِنَّهُ انْفَرَدَ بِجَوَازِ التَّكْبِيرِ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ لِمَنْ يُحْسِنُ التَّكْبِيرَ بِالْعَرَبِيَّةِ، اسْتِدْلَالًا بِأَنَّهُ لَمَّا صَحَّ ذِكْرُ الشَّهَادَتَيْنِ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ، وَصَارَ بِهِ مُسْلِمًا وَإِنْ كَانَ يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ كَانَ فِي التَّكْبِيرِ مِثْلَهُ وَهَذَا خَطَأٌ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي "، وَكَانَتْ صَلَاتُهُ بِالتَّكْبِيرِ الْعَرَبِيِّ، وَلِأَنَّ الصَّلَاةَ تَشْتَمِلُ عَلَى أَذْكَارٍ، وَأَفْعَالٍ فَلَمَّا لَمْ يَجُزِ الْعُدُولُ عَنِ الْأَفْعَالِ إِلَى أَبْدَالِهَا مَعَ الْقُدْرَةِ لَمْ يَجُزِ الْعُدُولُ عَنِ الْأَذْكَارِ إِلَى أَبْدَالِهَا مَعَ الْقُدْرَةِ، فَأَمَّا لَفْظُ الشَّهَادَتَيْنِ فَقَدْ كَانَ أَبُو سَعِيدٍ الْإِصْطَخْرِيُّ يَقُولُ: لَا يَصِحُّ مِمَّنْ يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ إِلَّا بِالْعَرَبِيَّةِ فعلى قوله يَسْقُطُ الِاسْتِدْلَالُ، وَأَمَّا جُمْهُورُ أَصْحَابِنَا وَهُوَ ظَاهِرُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ يَجُوزُ بِالْفَارِسِيَّةِ مِمَّنْ يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ

وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَذْكَارِ الصَّلَاةِ: أَنَّ أَذْكَارَ الصَّلَاةِ مَشْرُوعَةٌ عَلَى وَصْفٍ لَمْ يُعْقَلْ مَعْنَاهُ فَلَزِمَ الْإِتْيَانُ بِهِ عَلَى الصِّفَةِ الْمَشْرُوعَةِ، وَالْمَقْصُودُ بِالشَّهَادَتَيْنِ الْإِخْبَارُ عَنِ التَّصْدِيقِ بِالْقَلْبِ، وَهَذَا الْمَعْنَى يَسْتَوِي فِيهِ لَفْظُ الْفَارِسِيَّةِ وَالْعَرَبِيَّةِ

(فَصْلٌ)

: فَأَمَّا إِنْ كَانَ لَا يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ فَكَبَّرَ بِلِسَانِهِ فَيُجْزِئُهُ، لِأَنَّ الْعَجْزَ عَنْ أَذْكَارِ الصَّلَاةِ يُوجِبُ الِانْتِقَالَ إِلَى أَبْدَالِهَا، فَلَوْ كَانَ لَا يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ، وَيُحْسِنُ الْفَارِسِيَّةَ وَالسُّرْيَانِيَّةَ فَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا بِأَيِّهَا يُكَبِّرُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:

أَحَدُهَا: أَنَّهُ يُكَبِّرُ بِالْفَارِسِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا أَقْرَبُ اللُّغَاتِ إِلَى الْعَرَبِيَّةِ

والوجه الثاني: أن يُكَبِّرُ بِالسُّرْيَانِيَّةِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ أَنْزَلَ بها كتابه وَمَا أَنْزَلَ بِالْفَارِسِيَّةِ كِتَابًا

وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنَّهُ يُكَبِّرُ بِأَيِّهَا شَاءَ وَإِنْ كَانَ يُحْسِنُ الْفَارِسِيَّةَ والتركية فأحد الوجهين يكبر بالفارسية [والثاني بالخيار، لو كان يحسن السريانية والنبطية فأحد الوجهين يكبر بالسريانية]

وَالثَّانِي: أَنَّهُ بِالْخِيَارِ، وَلَوْ كَانَ يُحْسِنُ التُّرْكِيَّةَ، وَالْهِنْدِيَّةَ فَهُمَا سَوَاءٌ، وَهُوَ بِالْخِيَارِ فِيهِمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>