للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُحَرِّكُ شَهْوَتَهَا وَإِنْ لَمْ يُحَرِّكْ شَهْوَةَ غَيْرِهَا، وَالْخِضَابُ لَا يُحَرِّكُ إِلَّا شَهْوَةَ غَيْرِهَا فَافْتَرَقَا. فَأَمَّا الْمَبْتُوتَةُ فِي الْعِدَّةِ فَالطِّيبُ مَحْظُورٌ عَلَيْهَا إِنْ وَجَبَ الْإِحْدَادُ عَلَيْهَا وَفِي حَظْرِهِ إِنْ لَمْ يَجِبِ الْإِحْدَادُ عَلَيْهَا وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: لَا يَحْرُمُ كَمَا لَا يَحْرُمُ غَيْرُهُ مِنْ مَحْظُورَاتِ الْإِحْدَادِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَحْرُمُ عَلَيْهَا لِاخْتِصَاصِهِ مِنْ بَيْنِ مَحْظُورَاتِ الْإِحْدَادِ بِتَحْرِيكِ شَهْوَتِهَا وَشَهْوَةِ الرِّجَالِ لها.

[(مسألة)]

قال الشافعي: " وَفِي الثِّيَابِ زِينَتَانِ إِحْدَاهُمَا جَمَالُ اللَّابِسِينَ وَتَسْتُرُ العورة قال اللَّهُ تَعَالَى {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف: ٣١] فالثياب زينة لمن لبسها فإذا أفردت العرب التزين على بعض اللابسين دون بعض فإنما من الصبغ خاصة ولا باس أن تلبس الحاد كل ثوب من البياض لأن البياض ليس بمزين وكذلك الصوف والوبر وكل ما نسج على وجهه لم يدخل عليه صبغ من خز أو غيره وكذلك كل صبغ لم يرد به تزيين الثوب مثل السواد وما صبغ ليقبح لحزن أو لنفي الوسخ عنه وصباغ الغزل بالخضرة يقارب السواد لا الخضرة الصافية وما في معناه فأما ما كان من زينة أو شيء في ثوب وغيره فلا تلبسه الحاد ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَقَدِ اسْتَوْفَيْنَا نَقْلَ هَذَا الْفَصْلِ لِأَنَّهُ مَشْرُوحٌ، وَنَحْنُ نُشِيرُ إِلَى عِلَلِهِ.

وَجُمْلَةُ الثِّيَابِ ضَرْبَانِ:

أَحَدُهُمَا: مَا كَانَ عَلَى جِهَتِهِ لَمْ تَدْخُلْ عَلَيْهِ زِينَةٌ وَإِنْ كَانَ فِي نَفْسِهِ زِينَةً يَتَزَيَّنُ بِهَا اللَّابِسُ، وَيَسْتُرُ بِهَا الْعَوْرَةَ عَلَى مَا سَمَّاهَا اللَّهُ تَعَالَى بِهِ من الزينة في قوله: {خذو زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف: ٣١] وَذَلِكَ هُوَ الْبَيَاضُ مِنْ جَمِيعِ الثِّيَابِ فَمِنْهَا الْقُطْنُ أَرْفَعُهُ وَأَدْوَنُهُ وَمِنْهَا الْكَتَّانُ أَرْفَعُهُ وَأَدْوَنُهُ سَمَّاهُ الشَّافِعِيُّ ثِيَابَ الْوَرَعِ، وَمِنْهَا الْوَبَرُ أَرْفَعُهُ وَهُوَ الْخَزُّ وَأَدْوَنُهُ وَهُوَ الْمِعْزَى، وَمِنْهَا الصُّوفُ أَرْفَعُهُ وَأَدْوَنُهُ، وَمِنْهَا الْإِبْرَيْسَمُ وَهُوَ رَفِيعُ الْجِنْسِ فَيَجُوزُ لَهَا لُبْسُ الْبَيَاضِ كُلِّهِ مَقْصُورًا وَخَامًا، لِأَنَّ الْقِصَارَةَ كَالْغَسْلِ فِي إِنْقَاءِ الثَّوْبِ وَإِذْهَابِ وَسَخِهِ، فَإِنْ كَانَ عَلَى بَيَاضِ الثِّيَابِ طُرُزٌ، فَإِنْ كَانَتْ أَعْلَامًا كِبَارًا لَمْ يَجُزْ أَنْ تَلْبَسَهَا لِأَنَّهَا زِينَةٌ ظَاهِرَةٌ قَدْ أُدْخِلَتْ عَلَى الثَّوْبِ، وَإِنْ كَانَتْ صِغَارًا خَفِيَّةً فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ:

أَحَدُهَا: أَنَّهَا زِينَةٌ تَمْنَعُ مِنْ لُبْسِهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>