للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالثَّانِي: لِأَنَّ لِلْحَاكِمِ مَدْخَلًا فِي إِيقَاعِ الْفُرْقَةِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهَا تَقَعُ فِي الظَّاهِرِ دُونَ الْبَاطِنِ فَإِنْ قَدِمَ الزَّوْجُ حَيًّا بَطَلَ نِكَاحُ الثَّانِي، لِأَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ لَا يُحِيلُ الْأُمُورَ عَمَّا هِيَ عَلَيْهِ، وَفِعْلُ عُمَرَ رضي الله تعالى عنه حين خبر الْأَوَّلَ يَدُلُّ عَلَى احْتِمَالِ الْوَجْهَيْنِ، فَهَذَا حُكْمُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ، وَإِذَا قِيلَ بِالْقَوْلِ الثَّانِي إِنَّهَا بَاقِيَةٌ عَلَى الزَّوْجِيَّةِ وَمَحْبُوسَةٌ عَلَى نِكَاحِهِ حَتَّى يُعْرَفَ يَقِينُ مَوْتِهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ الَّذِي يُعْمَلُ عَلَيْهِ فَإِنْ نَكَحَتْ قَبْلَ مُدَّةِ التَّرَبُّصِ أَوْ بَعْدَهَا كَانَ نِكَاحُهَا بَاطِلًا، وَعَلَى هَذَا لَوْ حَكَمَ لَهَا الْحَاكِمُ بِالْمُدَّةِ قَضَى بَعْدَ انْقِضَائِهَا بِالْفُرْقَةِ فَفِي نَقْضِ حُكْمِهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: لَا يُنْقَضُ لِنُفُوذِهِ عَنِ اجْتِهَادٍ مُسَوِّغٍ وَخِلَافٍ مُنْتَشِرٍ

والوجه الثاني: أن حكمه ينقض وقضاؤه يُرَدُّ، لِأَنَّ الْمَرْوِيَّ مِنْ رُجُوعِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَدْ رَفَعَ الْخِلَافَ وَعَقَدَ الْإِجْمَاعَ، وَلِأَنَّ الْقِيَاسَ فِيهِمَا قَوِيٌّ لَا يُحْتَمَلُ خلافه والله أعلم.

[(مسألة)]

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلَوْ طَلَّقَهَا وَهُوَ خَفِيُّ الْغَيْبَةِ أَوْ آلَى مِنْهَا أَوْ تَظَاهَرَ أَوْ قَذَفَهَا لَزِمَهُ مَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ الْحَاضِرَ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَجُمْلَتُهُ أَنَّهُ لَا يَخْلُو مَا فَعَلَهُ الزَّوْجُ فِي غَيْبَتِهِ الَّتِي خَفِيَ فِيهَا خَبَرُهُ مِنْ طَلَاقٍ، وَظِهَارٍ، وَإِيلَاءٍ وَقَذْفٍ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ:

إِمَّا أَنْ يَكُونَ قَبْلَ تَفْرِيقِ الْحَاكِمِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ زَوْجَتِهِ أَوْ بَعْدَهُ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَهُ فَكُلُّ ذلك نافد يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ، وَالظِّهَارُ، وَتَجِبُ فِيهِ الْكَفَّارَةُ بِالْعَوْدِ وَيُؤْخَذُ بِحُكْمِ الْإِيلَاءِ وَوَقْفِ الْمُدَّةِ وَيَلْزَمُهُ الْقَذْفُ وَلَهُ نَفْيُهُ بِاللِّعَانِ وَيَكُونُ فِعْلُهُ لِذَلِكَ فِي غَيْبَتِهِ كَفِعْلِهِ فِي حُضُورِهِ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ بَعْدَ تَفْرِيقِ الْحَاكِمِ بَيْنِهِ وَبَيْنَ زَوْجَتِهِ بَعْدَ أَرْبَعِ سِنِينَ وَأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ فَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْلَيْنِ، فَإِنْ قِيلَ بِقَوْلِهِ فِي الْجَدِيدِ إِنَّهَا مَوْقُوفَةٌ عَلَى الزَّوْجِ أَبَدًا حَتَّى يَتَبَيَّنَ يَقِينُ مَوْتِهِ فَحُكْمُ الْحَاكِمِ بِالْفُرْقَةِ قَدْ بَطَلَ، لِأَنَّهُ قَدْ كَانَ تَيَقَّنَ حَيَاتَهُ فَصَارَ كَحُكْمِهِ، مُجْتَهِدًا إِذَا خَالَفَ فِيهِ نَصًّا، وَلَا يَكُونُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنَ الْوَجْهَيْنِ فِي نَقْضِ حُكْمِهِ، لِأَنَّ الْوَجْهَيْنِ فِي نَقْضِهِ مَعَ بَقَاءِ الْإِشْكَالِ لَا مَعَ ارْتِفَاعِهِ، فَعَلَى هَذَا يُؤْخَذُ بِحُكْمِ طَلَاقِهِ، وَظِهَارِهِ، وَإِيلَائِهِ، وَقَذْفِهِ. وَإِنْ قِيلَ: بِقَوْلِهِ فِي الْقَدِيمِ إِنَّ الْفُرْقَةَ وَاقِعَةٌ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ كَانَ عَلَى وَجْهَيْنِ مِنِ اخْتِلَافِ الْوَجْهَيْنِ فِي نُفُوذِ حُكْمِهِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا.

فَإِنْ قِيلَ إِنَّ حُكْمَهُ قَدْ نَفَذَ فِي الظَّاهِرِ دُونَ الْبَاطِنِ كَانَ حُكْمُهُ إِذَا بَانَتْ حَيَاةُ الزَّوْجِ بَاطِنًا وَالزَّوْجُ مَأْخُوذٌ بِحُكْمِ طَلَاقِهِ وَظِهَارِهِ وَإِيلَائِهِ وَلِعَانِهِ وَقَذْفِهِ، وَإِنْ قِيلَ إِنَّ حُكْمَهُ قَدْ

<<  <  ج: ص:  >  >>