للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَدَلِيلُنَا رِوَايَةُ الزُّهْرِيُّ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ " وَرَوَى سُفْيَانُ عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ " لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فَهِيَ خِدَاجٌ " يَعْنِي: نَاقِصَةٌ

وَرَوَى شُعْبَةُ عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا تُجْزِئُ صَلَاةٌ لَا يُقْرَأُ فِيهَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ " ذَكَرَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ؛ وَلِأَنَّهُ ذِكْرٌ فِي الصَّلَاةِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مُعَيَّنًا كَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، وَلِأَنَّ أَرْكَانَ الْعِبَادَةِ الْمُتَغَيِّرَةِ مُتَعَيِّنَةٌ كَالْحَجِّ

فَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ الْآيَةِ فَمِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:

أَحَدُهَا: أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا قِيَامُ اللَّيْلِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ ثُمَّ يُسْتَحَبُّ

وَالثَّانِي: أَنَّهَا مُسْتَعْمَلَةٌ فِي الْخُطْبَةِ أَوْ فِيمَا عَدَا الْفَاتِحَةَ

وَالثَّالِثُ أَنَّهَا مُجْمَلَةٌ فَسَّرَهَا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا صَلَاةَ إِلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، لِأَنَّ ظَاهِرَهَا مَتْرُوكٌ بِالِاتِّفَاقِ، لِأَنَّهُ لَوْ تَيَسَّرَ عَلَيْهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ لَمْ يَلْزَمْهُ، وَلَوْ تَيَسَّرَ عَلَيْهِ بَعْضُ آيَةٍ لَمْ يُجْزِهِ، وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي سَعِيدٍ فَفِيهِ جَوَابَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ قَوْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَوْ بِغَيْرِهَا " يَعْنِي: وَبِغَيْرِهَا عَلَى مَعْنَى الْكَمَالِ

وَالثَّانِي: أَنَّ مَعْنَاهُ لَا صَلَاةَ إِلَّا بِفَاتِحَةِ [الْكِتَابِ] لِمَنْ يُحْسِنُهَا أَوْ بِغَيْرِهَا لِمَنْ لَا يُحْسِنُهَا أَوْ لِأَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لِتَخْصِيصِ الْفَاتِحَةِ بِالذِّكْرِ مَعْنًى

وَأَمَّا قِيَاسُهُمْ عَلَى التَّكْبِيرِ، فَالْأَصْلُ غَيْرُ مُتَّفَقٍ عَلَى حُكْمِهِ عِنْدَنَا وَعِنْدَهُمْ فَلَمْ نُسَلِّمْ، لِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ يَجُوزُ بِمَا لَا يَنْطَلِقُ اسْمُ التَّكْبِيرِ عَلَى صِفَةٍ مَخْصُوصَةٍ، وَأَمَّا اسْتِدْلَالُهُمْ بِالْخُطْبَةِ فَهُوَ أَصْلٌ يُخَالِفُونَا فِيهِ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَسْتَدِلُّوا بِهِ عَلَيْنَا، ثُمَّ الْمَعْنَى فِي الْخِطْبَةِ لَمَّا لَمْ تَتَعَيَّنْ أَرْكَانُهَا لَمْ تَتَعَيَّنِ الْقِرَاءَةُ فِيهَا بِخِلَافِ الصَّلَاةِ الَّتِي تَتَعَيَّنُ أركانها

[(مسألة)]

: قال الشافعي رضي الله عنه: " وَيَبْتَدِئُهَا بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قرأ أم القرآن وعدها آية "

<<  <  ج: ص:  >  >>