للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكذلك أبان أن المراد بمائة جلدة بعض الزناة دون بعض لا من لزمه اسم سرقة وزناً ". قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي قَدْرِ مَا ثَبَتَ بِهِ تَحْرِيمُ الرَّضَاعِ عَلَى ثَلَاثَةِ مَذَاهِبَ:

أَحَدُهَا: وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ تحريم الرضاع إلى بِخَمْسِ رَضَعَاتٍ مُتَفَرِّقَاتٍ وَلَا يَثْبُتُ بِمَا دُونَهُمَا.

وَبِهِ قَالَ مِنَ الصَّحَابَةِ ابْنُ الزُّبَيْرِ، وَعَائِشَةُ.

وَمِنَ التَّابِعِينَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَطَاوُسٌ وَمِنَ الْفُقَهَاءِ: أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ.

وَقَالَ دَاوُدُ: مِنْ أَهْلِ الظَّاهِرِ إِنَّهُ يَثْبُتُ تَحْرِيمُهُ بِثَلَاثِ رَضَعَاتٍ.

وَبِهِ قَالَ مِنَ الصَّحَابَةِ: زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ.

وَمِنَ الْفُقَهَاءِ أَبُو ثَوْرٍ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إِنَّهُ يَثْبُتُ تَحْرِيمُهُ بِرَضْعَةٍ وَاحِدَةٍ.

وَبِهِ قَالَ مِنَ الصَّحَابَةِ: عَلِيٌّ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ.

وَمِنَ الْفُقَهَاءِ: مَالِكٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالثَّوْرِيُّ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ اسْتِدْلَالًا بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاتِي أَرْضَعْنَكُمْ} [النساء: ٢٣] فَحَرَّمَ أُمًّا أَرْضَعَتْ، وَالَّتِي أَرْضَعَتْهُ مَرَّةً وَاحِدَةً يَقَعُ هَذَا الِاسْمُ عَلَيْهَا، فَوَجَبَ أَنْ تَحْرُمَ، وَبِهَذَا احْتَجَّ ابْنُ عُمَرَ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ حِينَ قَالَ: لَا تَحْرُمُ إِلَّا بِخَمْسِ رَضَعَاتٍ، فَقَالَ كِتَابُ اللَّهِ أَوْلَى مِنْ قَضَاءِ ابْنِ الزبير، بِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ: الرَّضَاعَةُ مِنَ الْمَجَاعَةِ يَعْنِي مَا سَدَّ الْجَوْعَةَ وَالرَّضْعَةُ الْوَاحِدَةُ تَسُدُّ الْجَوْعَةَ، وَبِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ " إِنَّ اللِّهَ تَعَالَى حَرَّمَ مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا حَرَّمَ مِنَ النَّسَبِ " وَتَحْرِيمُ النَّسَبِ لَا يُرَاعَى فِيهِ الْعَدَدُ فَكَذَلِكَ تَحْرِيمُ الرَّضَاعِ.

وَمِنَ الْقِيَاسِ أَنَّ مَا وَقَعَ بِهِ التَّحْرِيمُ الْمُؤَبَّدُ لَمْ يُعْتَبَرْ فِيهِ الْعَدَدُ كَالْوَطْءِ، وَعَقْدِ النِّكَاحِ، وَلِأَنَّهُ حُكْمٌ يَتَعَلَّقُ بِالشُّرْبِ فَوَجَبَ أَنْ لَا يُعْتَبَرَ فِيهِ الْعَدَدُ كَحَدِّ الْخَمْرِ، وَلِأَنَّ الْوَاصِلَ إِلَى الْجَوْفِ يَتَعَلَّقُ بِهِ الْفِطْرُ تَارَةً وتحريم الرضاع أخرى، فلما لم يتعبر الْعَدَدُ فِي الْفِطْرِ لَمْ يُعْتَبَرْ فِي الرَّضَاعِ.

وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ مَا رَوَاهُ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -

<<  <  ج: ص:  >  >>