للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ عِنْدَنَا آيَةٌ مِنْ كُلِّ سُورَةٍ مِنَ الْفَاتِحَةِ وَغَيْرِهَا إِلَّا مِنْ سُورَةِ التَّوْبَةِ فَلَيْسَتْ آيَةً مِنْهَا

وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا هَلْ هِيَ آيَةٌ مِنْ كُلِّ سُورَةٍ حُكْمًا أَوْ قَطْعًا؟ فَالَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُهُمْ أَنَّهَا آيَةٌ مِنْ كُلِّ سُورَةٍ حُكْمًا إِلَّا سُورَةَ النَّمْلِ فَإِنَّهَا آيَةٌ مِنْهَا قَطْعًا، وَحُكِيَ عَنِ ابْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهَا آيَةٌ مِنْ كُلِّ سُورَةٍ قَطْعًا كَسُورَةِ النَّمْلِ إِلَّا التَّوْبَةَ، وَقَالَ مَالِكٌ: لَيْسَتْ آيَةً مِنَ الْفَاتِحَةِ، وَلَا مِنْ غَيْرِهَا إِلَّا مِنْ سُورَةِ النَّمْلِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَفْتِحَ بِهَا الْقِرَاءَةَ فِي الصَّلَاةِ إِلَّا فِي قِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ، فَأَمَّا أبو حنيفة فَالْمَشْهُورُ عَنْهُ أَنَّهَا ليست من القرآن إلى فِي سُورَةِ النَّمْلِ كَقَوْلِ مَالِكٍ، وَحَكَى بَعْضُ أصحابه أَنَّهَا آيَةٌ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ ذُكِرَتْ فِيهِ إِلَّا أَنَّهَا لَيْسَتْ آيَةً مِنَ السُّورَةِ، وَاسْتَدَلَّ مَنْ مَنَعَ أَنْ تَكُونَ آيَةً مِنَ الْفَاتِحَةِ وَمِنْ كُلِّ سُورَةٍ بِأُمُورٍ

مِنْهَا: رِوَايَةُ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا كَانُوا يفتتحون الصلاة بالحمد لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ

وَرَوَى أَبُو الْجَوْزَاءِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يفتتح الصلاة بالتكبير، والقراءة بالحمد لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، قَالُوا: وَلِأَنَّ أَوَّلَ مَا نَزَلَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال: له اقرأ قال: ما أَقْرَأُ؟ قَالَ {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} [العلق: ١] وَلَمْ يَقْرَأْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فِيهَا فَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْهَا، قَالُوا: وَلِأَنَّ مَحَلَّ الْقُرْآنِ لَا يَثْبُتُ إِلَّا بِمَا يَثْبُتُ بِهِ لَفْظُ الْقُرْآنِ فَلَمَّا كَانَ لَفْظُ القرآن لا يثبت بِالتَّوَاتُرِ وَالِاسْتِفَاضَةِ كَذَلِكَ مَحَلُّهُ لَا يَثْبُتُ إِلَّا بِالتَّوَاتُرِ وَالِاسْتِفَاضَةِ قَالُوا: وَلِأَنَّ الصَّحَابَةَ رَضِيَ اللَّهُ عنها قَدْ أَجْمَعَتْ فِي كَثِيرٍ مِنَ السُّوَرِ عَلَى عَدَدِ آيِهَا فَمِنْ ذَلِكَ سُورَةُ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: ١] أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهَا أَرْبَعُ آيَاتٍ، فَلَوْ كَانَتْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْهَا لَكَانَتْ خَمْسًا، وَكَذَلِكَ الْمُلْكُ أَجْمَعُوا عَلَى أنها ثلاثون آية

ودليلنا رواية بن جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَاتِحَةَ الْكِتَابِ بَعْدَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ آية الحمد لله رب العالمين آية، الرحمن الرحيم آية، مالك يوم الدين آية، إياك نعبد وإياك نستعين آية، إهدنا الصراط المستقيم آيَةَ، صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عليهم ولا الضالين آيَةً، وَهَذَا نَصٌّ

وَرَوَى أَبُو سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال: الحمد لله رب العالمين سبع آيات

<<  <  ج: ص:  >  >>