للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَحَدُهُمَا: يُغَلَّبُ فِيهِ حُكْمُ مَنْ تَفَرَّدَ بِالرَّضْعَةِ الْخَامِسَةِ، لِأَنَّ بِهَا وَقَعَ التَّحْرِيمُ فَإِنْ تَفَرَّدَتْ بِهَا الصَّغِيرَةُ فَلَا مَهْرَ لَهَا، وَإِنْ تَفَرَّدَتْ بِهَا الْكَبِيرَةُ فَلِلصَّغِيرَةِ نِصْفُ مَهْرِهَا.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ يَتَقَسَّطُ نِصْفُ الْمَهْرِ عَلَى أَعْدَادِ الرَّضَعَاتِ، لِأَنَّ الْخَامِسَةَ لَمْ تُحَرِّمْ إِلَّا بِمَا تَقَدَّمَهَا فَصَارَ لِكُلِّ رَضْعَةٍ تَأْثِيرٌ فِي التَّحْرِيمِ، فَعَلَى هَذَا إِنْ كَانَتِ الصَّغِيرَةُ قَدِ انْفَرَدَتْ بِرَضْعَةٍ وَاحِدَةٍ، وَالْكَبِيرَةُ بِأَرْبَعِ رَضَعَاتٍ سَقَطَ مِنْ نِصْفِ مَهْرِ الصَّغِيرَةِ خَمْسَةٌ وَوَجَبَ لَهَا أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ النصف من مهرها، وإن تفردت مرضعة وَاحِدَةٍ وَالصَّغِيرَةُ بِأَرْبَعِ رَضَعَاتٍ سَقَطَ مِنْ نِصْفِ مَهْرِهَا أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهِ، وَوَجَبَ لَهَا مِنْ نِصْفِ مَهْرِهَا خُمْسُهُ ثُمَّ عَلَى هَذَا الْقِيَاسِ.

(فَصْلٌ)

وَأَمَّا الْفَصْلُ الثَّالِثُ: وَهُوَ مَا يَسْتَحِقُّهُ الزَّوْجُ عَلَى الْمُرْضِعَةِ الْمُحَرَّمَةِ إِذَا صَارَ التَّحْرِيمُ مَنْسُوبًا إِلَيْهَا فَمُعْتَبَرٌ بِحَالِهَا، وَلَهَا حَالَتَانِ:

إِحْدَاهُمَا أَنْ تَكُونَ مِمَّنْ لَا يَثْبُتُ لِلزَّوْجِ عَلَيْهَا، وَفِي ذِمَّتِهَا مَالٌ كَأُمِّ الْوَلَدِ فَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ، لِأَنَّ السَّيِّدَ لَا يَمْلِكُ فِي ذِمَّةِ أَمَتِهِ مَالًا، وَإِنْ كَانَتْ مُكَاتَبَةً رَجَعَ عَلَيْهَا، لِأَنَّهَا بِالْكِتَابَةِ قَدْ مَلَكَتْ مَا بِيَدِهَا، وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا إِنْ كَانَتْ مُدَبَّرَةً، لِأَنَّهَا لَا تَمْلِكُ مَا بِيَدِهَا كَالْأَمَةِ.

وَالْحَالُ الثَّانِيَةُ: أَنْ تَكُونَ مَنْ يَمْلِكُ الزَّوْجُ عَلَيْهَا وَفِي ذِمَّتِهَا مَالًا كَسَائِرِ الْحَرَائِرِ فَلَهَا فِي الرَّضَاعِ حَالَتَانِ:

إِحْدَاهُمَا: أَنْ تَكُونَ بِإِذْنِ الزَّوْجِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ، لِأَنَّ إِرَادَتَهُ كَالْإِبْرَاءِ كَمَنِ اسْتَحْفَرَ أَجِيرًا بِئْرًا فِي أَرْضٍ لَا يَمْلِكُهَا كَانَ غُرْمُ مَا تَلَفَ بِهَا مَضْمُونًا عَلَى الْآمِرِ، وَلَا يُرْجَعُ بِهِ عَلَى الْمَأْمُورِ.

وَالْحَالُ الثَّانِيَةُ: أَنْ لَا يَأْذَنَ لَهَا الزَّوْجُ وَتَكُونَ هِيَ الْمُنْفَرِدَةَ بِالرَّضَاعِ فَالْكَلَامُ فِيهِ يَشْتَمِلُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَحْكَامٍ:

أَحَدُهَا: فِي وُجُوبِ الضَّمَانِ.

وَالثَّانِي: فِي قَدْرِهِ.

وَالثَّالِثُ: فِي صِفَتِهِ.

(فَصْلٌ)

فَأَمَّا الْحُكْمُ الْأَوَّلُ، وَهُوَ وُجُوبُ الضَّمَانِ عَلَى الْمُرْضِعَةِ، فَقَدِ اخْتَلَفَ فِيهِ الْفُقَهَاءُ عَلَى ثَلَاثَةِ مَذَاهِبَ:

أَحَدُهَا: وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّ الْمُرْضِعَةَ ضَامِنَةٌ يَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَيْهَا بِغُرْمِ التَّحْرِيمِ سَوَاءٌ قَصَدَتِ الْمُرْضِعَةُ التَّحْرِيمَ أَوْ لَمْ تَقْصِدْهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>