للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الصُّغْرَى، وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا لَمْ تَحْرُمِ الصُّغْرَى، لِأَنَّهَا مِنْ رَبَائِبِهِ وَتَحْرِيمُ الرَّبِيبَةِ يَكُونُ بِدُخُولِهِ بِالْأُمِّ.

وَأَمَّا الْحُكْمُ الثَّالِثُ: وَهُوَ الْمَهْرُ فَلِلصُّغْرَى عَلَيْهِ نِصْفُ مَهْرِهَا الْمُسَمَّى، لِأَنَّ فَسْخَ نِكَاحِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ كَانَ مِنْ غَيْرِهَا، وَيُرْجَعُ عَلَى الْكُبْرَى بِنِصْفِ مَهْرِ مِثْلِهَا أَوْ بِجَمِيعِهِ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ.

وَأَمَّا مَهْرُ الْكُبْرَى فَإِنْ دَخَلَ بِهَا فَقَدِ اسْتَحَقَّتْ جَمِيعَهُ وَإِلَّا سَقَطَ بِالرَّضَاعِ كَالْمُرْتَدَّةِ بَعْدَ الدُّخُولِ، وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا سَقَطَ مَهْرُهَا، لِأَنَّ الْفَسْخَ مِنْ جِهَتِهَا كالردة.

[(مسألة)]

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلَوْ تَزَوَّجَ ثَلَاثًا صِغَارًا فَأَرْضَعَتِ امْرَأَةٌ اثْنَتَيْنِ مِنْهُنَّ الرَّضْعَةَ الْخَامِسَةَ مَعًا فَسَدَ نِكَاحُ الْأُمِّ وَنِكَاحُ الصَّبِيَّتَيْنِ وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ نِصْفُ الْمَهْرِ الْمُسَمَّى ويرجع على امرأته بمثل نصف مهر كل واحدة منهما وتحل له كل واحدة منهما على الانفراد لأنهما ابنتا امرأة لم يدخل بها فإن أرضعت الثالثة بعد ذلك لم تحرم لأنها منفردة ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ، إِذَا اعْتَمَدَتِ الْكُبْرَى وَلَهُ مَعَهَا ثَلَاثٌ صِغَارٌ فَأَرْضَعَتِ اثْنَتَيْنِ مِنْهُنَّ خَمْسَ رَضَعَاتٍ مَعًا بَطَلَ نِكَاحُهَا، وَنِكَاحُ الْكُبْرَى، وَلِتَحْرِيمِ نِكَاحِ الْكُبْرَى عِلَّةٌ وَاحِدَةٌ، لِأَنَّهَا صَارَتْ مِنْ أُمَّهَاتِ نِسَائِهِ فَكَانَ تَحْرِيمُهَا مُؤَبَّدًا، وَلِتَحْرِيمِ نِكَاحِ الصَّغِيرَتَيْنِ عِلَّتَانِ:

إِحْدَاهُمَا: أَنَّهُمَا مِنْ رَبَائِبِهِ فإن دخل بالأم حرمتا على التأييد، وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا لَمْ يَتَأَبَّدْ تَحْرِيمُهُمَا.

وَالْعِلَّةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّهُمَا صَارَتَا أُخْتَيْنِ فَحَرُمَتَا تَحْرِيمَ جَمْعٍ، وَحَلَّ لَهُ إِذَا لَمْ يَدْخُلْ بِالْأُمِّ أَنْ يَنْكِحَ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَلَى الِانْفِرَادِ وَلَا يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا فِي عَقْدٍ، فَأَمَّا مُهُورُهُنَّ فَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنَ الصَّغِيرَتَيْنِ نِصْفُ مَهْرِهَا الْمُسَمَّى فَيَرْجِعُ عَلَى الْكُبْرَى بِنِصْفِ مَهْرِ مِثْلِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ.

وَأَمَّا الْكُبْرَى فَإِنْ دَخَلَ بِهَا فَلَهَا جَمِيعُ مَهْرِهَا وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَلَا مَهْرَ لَهَا، لِأَنَّ الْفَسْخَ جَاءَ مِنْ قِبَلِهَا، فَعَلَى هَذَا لَوْ عَادَتِ الْكُبْرَى فَأَرْضَعَتِ الصَّغِيرَةَ الثَّالِثَةَ لَمْ يَبْطُلْ نِكَاحُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ قَدْ دَخَلَ بِالْكُبْرَى وَيَبْطُلُ إِنْ كَانَ قَدْ دَخَلَ بِهَا.

(مَسْأَلَةٌ)

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلَوْ أَرْضَعَتْ إِحْدَاهُنَّ الرَّضْعَةَ الْخَامِسَةَ ثُمَّ الْأُخْرَيَيْنِ الْخَامِسَةَ مَعًا حَرُمْتَ عَلَيْهِ وَالَّتِي أَرْضَعَتْهَا أَوَّلًا لِأَنَّهُمَا صَارَتَا أُمًّا وَبِنْتًا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ مَعًا وَحَرُمَتِ الْأُخْرَيَانِ لِأَنَّهُمَا صَارَتَا أُخْتَيْنِ فِي وقت معا ".

<<  <  ج: ص:  >  >>