للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلِذَلِكَ قُبِلَ فِي الْفُرْقَةِ قَوْلُ الزَّوْجِ دُونَ الزَّوْجَةِ، فَأَمَّا سُقُوطُ الْمَهْرِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَالِانْتِقَالُ إِلَى مَهْرِ الْمِثْلِ بَعْدَ الدُّخُولِ فَلَا يُقْبَلُ فِيهِ قَوْلُ الزَّوْجِ، وَإِنْ قُبِلَ قَوْلُهُ فِي الْفُرْقَةِ، لِأَنَّ الْعَقْدَ حَقٌّ لَهُ وَالْمَهْرَ حَقٌّ عَلَيْهِ فَقُبِلَ قَوْلُهُ فِيمَا لَهُ، وَلَمْ يُقْبَلْ فِيمَا عَلَيْهِ فَتَحْلِفُ الزَّوْجَةُ إِذَا أَكْذَبَتْهُ وَتَسْتَحِقُّ نِصْفَ الْمُسَمَّى قَبْلَ الدُّخُولِ وَجَمِيعَهُ بَعْدَهُ وَيَمِينُهَا عَلَى الْعِلْمِ، لِأَنَّهَا عَلَى نَفْيٍ فِي فِعْلِ الْغَيْرِ فَتَحْلِفُ بِاللَّهِ أَنَّهَا لَا تَعْلَمُ أَنَّ بَيْنَهُمَا رَضَاعًا فَإِنْ نَكَلَتْ عَنْهَا رُدَّتْ عَلَى الزَّوْجِ وَحَلَفَ عَلَى الْبَتِّ بِاللَّهِ أَنَّ بَيْنَهُمَا رَضَاعًا يَصِفُهُ، لِأَنَّ يَمِينَهُ كَالْبَيِّنَةِ.

(مَسْأَلَةٌ)

قَالَ الشافعي رضي الله عنه: " وَلَوْ كَانَتْ هِيَ الْمُدَّعِيَةَ أَفْتَيْتُهُ أَنْ يَتَّقِيَ اللَّهَ وَيَدَعَ نِكَاحَهَا بِطَلْقَةٍ لِتَحِلَّ بِهَا لِغَيْرِهِ إِنْ كَانَتْ كَاذِبَةً وَأُحَلِّفُهُ لَهَا فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ وَفَرَّقْتُ بَيْنَهُمَا ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ، إِذَا ادَّعَتِ الزَّوْجَةُ بِالرَّضَاعِ لَمْ يَخْلُ حَالُ الزوج معها من ثلاثة أَحْوَالٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يُصَدِّقُهَا فَيُفْسَخَ النِّكَاحُ بِتَصْدِيقِهِ وَيَسْقُطَ الْمَهْرُ الْمُسَمَّى بِدَعْوَاهَا وَتَحِلَّ لِلْأَزْوَاجِ بَعْدَ عِدَّتِهَا.

وَالْحَالُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يُكَذِّبَهَا فَلَا يُقْبَلَ دَعْوَاهَا عَلَيْهِ وَيَحْلِفَ لَهَا الزَّوْجُ، وَيَكُونَانِ عَلَى النِّكَاحِ وَفِي صِفَةِ يَمِينِهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا عَلَى الْعِلْمِ كَيَمِينِ الزَّوْجَةِ إِذَا أَنْكَرَتِ الرَّضَاعَ.

وَالثَّانِي: عَلَى الْبَتِّ وَالْقَطْعِ.

وَالْفَرْقُ بَيْنَ يَمِينِ الزَّوْجِ وَيَمِينِ الزَّوْجَةِ، وَإِنْ كَانَتَا عَلَى نَفْيِ فِعْلِ الْغَيْرِ أَنَّ فِي يَمِينِ الزَّوْجِ مَعَ تَصْحِيحِ الْعَقْدِ فِيمَا مَضَى إِثْبَاتَ اسْتِبَاحَةٍ فِي الْمُسْتُقْبَلِ فَكَانَتْ عَلَى الْبَتِّ تَغْلِيظًا، وَيَمِينُ الزَّوْجَةِ لِبَقَاءِ حَقٍّ وَجَبَ بِالْعَقْدِ فَكَانَتْ عَلَى الْعِلْمِ تَحْقِيقًا، فَإِنْ كَانَ نَكَلَ الزَّوْجُ عَنْهَا رُدَّتْ عَلَى الزَّوْجَةِ، وَحَلَفَتْ عَلَى الْبَتِّ، لِأَنَّهَا يَمِينُ إثبات فكانت على البت.

والحال الثانية: أَنْ يَسْكُتَ فَلَا يَقَعَ فِي نَفْسِهِ صِدْقُهَا وَلَا كَذِبُهَا فَفِي جَوَازِ إِحْلَافِهِ وَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِي صِفَةِ يَمِينِهِ.

أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ أَنْ يَحْلِفَ إِذَا قِيلَ إِنَّ يَمِينَهُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ، وَلَهُ أَنْ يَسْتَمْتِعَ بِهَا حُكْمًا وَيَخْتَارَ أَنْ يُفَارِقَهَا وَرَعًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>