للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَبُولُ مِنْهُمَا فَيَخْرُجُ بَوْلُهُ مِنْ ذَكَرِهِ وَمِنْ فَرْجِهِ، وَجَبَ أَنْ يُرَاعَى أَسْبَقُهُمَا بَوْلًا لِقُوَّتِهِ فَيُحْكَمَ بِهِ فَإِنِ اسْتَوَيَا فِي السَّبْقِ وَجَبَ أَنْ يُرَاعَى آخِرُهُمَا انْقِطَاعًا لِغَلَبَتِهِ فَيُحْكَمَ بِهِ فإن استويا في السبق والخروج غير مشكل.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يُعْتَبَرُ أَكْثَرُهُمَا بَوْلًا فَيُحْكَمُ بِهِ، وَحَكَاهُ أَبُو الْقَاسِمِ الدَّارَكِيُّ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَأَنْكَرَهُ سَائِرُ أَصْحَابِنَا وَجَعَلُوهُ مُشْكِلًا فَلَوْ سَبَقَ بوله في أَحَدِهِمَا، وَتَأَخَّرَ انْقِطَاعُهُ مِنَ الْآخَرِ بِقَدْرِ السَّبْقِ فَفِيهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: يُحْكَمُ بِالسَّبْقِ.

وَالثَّانِي: قَدِ اسْتَوَيَا، وَيَكُونُ مُشْكِلًا، فَلَوْ سَبَقَ بَوْلُهُ مِنْ أَحَدِهِمَا، وَكَانَ قَلِيلًا وَتَأَخَّرَ مِنَ الْآخَرِ، وَكَانَ كثيراً ففيه ثلاثة أوجه:

أحدهما: يُحْكَمُ بِالسَّابِقِ مِنْهُمَا.

وَالثَّانِي: يُحْكَمُ بِأَكْثَرِهِمَا.

وَالثَّالِثُ: يَكُونُ مُشْكِلًا فَلَوْ كَانَ يَبُولُ مِنْ أَحَدِهِمَا تَارَةً، وَمِنَ الْآخَرِ تَارَةً، أَوْ كَانَ يَسْبِقُ أَحَدُهُمَا تَارَةً وَيَتَأَخَّرُ تَارَةً، اعْتُبِرَ أَكْثَرُ الْحَالَتَيْنِ مِنْهُمَا، فَإِنِ اسْتَوَيَا فَهُوَ مُشْكِلٌ.

وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: اعْتُبِرَ صِفَةُ الْبَوْلِ فَإِنْ زَرَقَ فَهُوَ ذَكَرٌ وَإِنْ رَشَّشَ فَهُوَ أُنْثَى. وَأَنْكَرَ سَائِرُ أَصْحَابِنَا هَذَا الِاعْتِبَارَ وَجَعَلُوهُ مُشْكِلًا، فَإِذَا عُدِمَ الْبَيَانُ مِنْ طَرِيقِ الْمَبَالِ الَّذِي هُوَ الْأَعَمُّ مِنْ مَنْفَعَتِي الْعُضْوَيْنِ وَجَبَ الرُّجُوعُ إِلَى اعْتِبَارِ الْمَنْفَعَةِ الْخَاصَّةِ، وَهِيَ الْمَنِيُّ، وَذَلِكَ يَكُونُ عِنْدَ الْبُلُوغِ فَإِنْ أَمْنَى مَنْ ذَكَرِهِ فَهُوَ رَجُلٌ، وَإِنْ أَمْنَى مِنْ فَرْجِهِ فَهِيَ امْرَأَةٌ، وَإِنْ أَمْنَى مِنْهُمَا فَلَا بَيَانَ فِيهِ. وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا هَلْ يُعْتَبَرُ بِالْحَيْضِ أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: يُعْتَبَرُ بِالْحَيْضِ فَإِنْ حَاضَ فَهُوَ أُنْثَى، وَإِنْ لَمْ يَحِضْ فَهُوَ ذَكَرٌ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا اعْتِبَارَ بِالْحَيْضِ، وَإِنِ اعْتُبِرَ الْمَنِيُّ، لِأَنَّهُمَا يَشْتَرِكَانِ فِي الْمَنِيِّ، وَيَخْتَلِفَانِ فِي مَخْرِجِهِ فَجَازَ أَنْ يَكُونَ مُعْتَبَرًا كَمَا يَشْتَرِكَانِ فِي الْبَوْلِ، وَيَخْتَلِفَانِ فِي مَخْرِجِهِ وَلَا يَشْتَرِكَانِ فِي الْحَيْضِ، وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الدَّمُ لَيْسَ بِحَيْضٍ، فَإِذَا فَاتَ الْبَيَانُ مِنَ الذَّكَرِ وَالْفَرْجِ بِاعْتِبَارِ الْبَوْلِ وَالْمَنِيِّ فَلَا اعْتِبَارَ بَعْدَهُمَا بِشَيْءٍ مِنْ أَعْضَاءِ الْجَسَدِ وَصِفَاتِهِ فَلَا تَكُونُ فِي اللِّحْيَةِ دَلِيلٌ، لِأَنَّهَا قَدْ تَكُونُ لِبَعْضِ النِّسَاءِ، وَلَا تَكُونُ فِي الثَّدْيِ وَاللَّبَنِ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لِبَعْضِ الرِّجَالِ.

وَرُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ اعْتَبَرَ بِعَدَدِ الْأَضْلَاعِ فإن أضلاع المرأة متساوية في الْجَانِبَيْنِ، وَأَضْلَاعَ الرَّجُلِ تَنْقُصُ مِنَ الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ، ضِلْعًا لِأَجْلِ مَا حُكِيَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ حَوَّاءَ مِنْ ضِلْعِ آدَمَ الْأَيْسَرِ، وَبِهَذَا قَالَ حَسَنٌ الْبَصْرِيُّ وَحَكَاهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>