للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(الْقَوْلُ فِي نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ الصَّائِمَةِ)

(فَصْلٌ)

وَأَمَّا صَوْمُهَا فَيَنْقَسِمُ خَمْسَةَ أَقْسَامٍ:

أَحَدُهَا: صَوْمُ شَهْرِ رَمَضَانَ فَهَذَا مِنَ الْفُرُوضِ الْمَشْرُوعَةِ فَإِذَا تَعَيَّنَ عَلَيْهَا كَانَ مُسْتَثْنًى مِنْ حُقُوقِ الزَّوْجِ فَكَانَتْ فِيهِ عَلَى حَقِّهَا مِنَ النَّفَقَةِ.

وَالْقِسْمُ الثَّانِي: قَضَاءُ رَمَضَانَ. فَزَمَانُهُ مَا بَيْنَ رَمَضَانِهَا الَّذِي أفطرته ورمضانها الذي تستقبله. فإذا كَانَ فِي آخِرِ زَمَانِهِ وَعِنْدَ تَعْيِينِ وَقْتِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَنْعُهَا مِنْهُ، وَكَانَتْ عَلَى حَقِّهَا مِنَ النَّفَقَةِ لِصَوْمِهَا فِي رَمَضَانَ، وَإِنْ كَانَ فِي أَوَّلِ زَمَانِهِ وَقَبْلَ تَعَيُّنِ وَقْتِهِ فَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ تَقْدِيمِهِ، لِأَنَّ حَقَّهُ فِي الاستمتاع به عَلَى الْفَوْرِ وَهَذَا الصَّوْمَ عَلَى التَّرَاخِي، فَإِنْ دَخَلَتْ فِيهِ فَفِي جَوَازِ إِجْبَارِهِ لَهَا عَلَى الْفِطْرِ وَجْهَانِ: مُخَرَّجَانِ مِنَ اخْتِلَافِ قَوْلَيْهِ فِي إِجْبَارِهَا عَلَى إِحْلَالِهَا مِنَ الْحَجِّ.

أَحَدُهُمَا: لَهُ أَنْ يُجْبِرَهَا عَلَى الْفِطْرِ، فَعَلَى هَذَا إِنْ أَفْطَرَتْ كَانَتْ عَلَى حَقِّهَا مِنَ النَّفَقَةِ، وَإِنِ امْتَنَعَتْ سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا بَعْدَ الِامْتِنَاعِ كَالنَّاشِزِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَيْسَ لَهُ إِجْبَارُهَا عَلَى الْفِطْرِ تَغْلِيبًا لِحُرْمَةِ الْعِبَادَةِ. فَعَلَى هَذَا فِي سُقُوطِ نَفَقَتِهَا وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: تَسْقُطُ بِهِ نَفَقَتُهَا كَالْحَجِّ.

وَالْوَجْهُ الثاني: لا تسقط به النفقة لأمرين. مما فرق بين الصوم والحج.

أَحَدُهُمَا: لِقُرْبِ زَمَانِهِ وَقُدْرَتِهِ عَلَى الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا فِي لَيْلِهِ.

وَالثَّانِي: لِمَقَامِهَا فِي مَنْزِلِهِ فَخَالَفَ الْحَجَّ فِي خُرُوجِهَا مِنْهُ.

وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: صَوْمُ التَّطَوُّعِ فَلَهُ مَنْعُهَا مِنْهُ لِرِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ: " لَا تَصُومُ الْمَرْأَةُ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ يَوْمًا مِنْ غَيْرِ رَمَضَانَ إِلَّا بِإِذْنِهِ "، لِأَنَّ صَوْمَهَا يَمْنَعُ مِمَّا اسْتَحَقَّهُ الزَّوْجُ مِنَ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا فَصَارَتْ مَانِعَةً مِنْ وَاجِبٍ بِتَطَوُّعٍ، فَإِنْ صَامَتْ وَلَمْ يَدْعُهَا الزَّوْجُ إِلَى الْخُرُوجِ مِنْهُ بِالِاسْتِمْتَاعِ فَهِيَ عَلَى حَقِّهَا مِنَ النَّفَقَةِ، وَإِنْ دَعَاهَا إِلَى الْخُرُوجِ مِنْهُ فَإِنْ خَرَجَتْ مِنْهُ بِالِاسْتِمْتَاعِ كَانَتْ عَلَى حَقِّهَا مِنَ النَّفَقَةِ، وَإِنِ امْتَنَعَتْ صَارَتْ نَاشِزًا وَسَقَطَتْ نَفَقَتُهَا إِنْ كَانَ فِي صَدْرِ النَّهَارِ وَكَانَتْ عَلَى حَقِّهَا مِنَ النَّفَقَةِ إِنْ كَانَ الِامْتِنَاعُ فِي آخِرِهِ، لِقُرْبِهِ مِنْ زَمَانِ التَّمْكِينِ فَصَارَ مُلْحَقًا بِوَقْتِ الْأَكْلِ وَالطَّهَارَةِ.

وَالْقِسْمُ الرَّابِعُ: صَوْمُ الْكَفَّارَةِ. فَهُوَ فِي الذِّمَّةِ غَيْرُ مُعَيَّنِ الْوَقْتِ فَلَهُ مَنْعُهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فِيهِ، فَإِنْ دَخَلَتْ فِيهِ بَعْدَ مَنْعِهِ صَارَتْ نَاشِزًا وَسَقَطَتْ نَفَقَتُهَا، وَإِنْ لَمْ يَمْنَعْهَا مِنْهُ حَتَّى دَخَلَتْ فِيهِ فَفِي إِجْبَارِهِ لَهَا عَلَى الْخُرُوجِ مِنْهُ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنَ الْوَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: لَهُ إِجْبَارُهَا وَتَسْقُطُ نَفَقَتُهَا إِنْ أَقَامَتْ عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>