للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا الْقِسْمُ الرَّابِعُ: وَهُوَ أَنْ لَا تَعْزِيَ وطأها إلى أحد أن تنكر أو يَكُونَ قَدْ وَطِئَهَا أَحَدٌ فَيَجْرِيَ عَلَيْهَا فِي الْعِدَّةِ حُكْمُ وَطْءِ الزِّنَا فَيَكُونَ حُكْمُهَا فِي الْعِدَّةِ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

(الْقَوْلُ في نفقة الحمل)

[(مسألة)]

قال الشافعي رحمه الله تعالى: " وَلَا أَعْلَمُ حُجَّةً بِأَنْ لَا يُنْفِقَ عَلَى الْأَمَةِ الْحَامِلِ، وَلَوْ زَعَمْنَا أَنَّ النَّفَقَةَ لِلْحَمْلِ كَانَتْ نَفَقَةُ الْحَمْلِ لَا تَبْلُغُ بَعْضَ نَفَقَةِ أمة ولكنه حكم الله جل ثناؤه (وقال) في كتاب الإملاء: النفقة على السيد (قال المزني) رحمه الله: الأول أحق به لأنه شهد أنه حكم الله وحكم الله أولى مما خالفه ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: قَدْ ذَكَرْنَا اخْتِلَافَ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ فِي نَفَقَةِ الْحَامِلِ الْمَبْتُوتَةِ وَاجِبَةٌ، وَهَلْ وَجَبَتْ لِحَمْلِهَا أَوْ لَهَا؟ لِأَنَّهَا حَامِلٌ عَلَى قَوْلَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: نَصَّ عَلَيْهِ فِي كِتَابِ الْأُمِّ وَنَقَلَهُ الْمُزَنِيُّ إِلَى هَذَا الْمَوْضِعِ وَاخْتَارَهُ الْمُزَنِيُّ وَجُمْهُورُ أَصْحَابِنَا. أَنَّهَا وَجَبَتْ لَهَا لِكَوْنِهَا حَامِلًا لِأَرْبَعَةِ مَعَانٍ.

أَحَدُهَا: أَنَّهَا مُقَدَّرَةٌ بِكِفَايَةِ الْأُمِّ وَنَفَقَاتُ الْأَقَارِبِ غَيْرُ مُقَدَّرَةٍ، وَهِيَ مُعْتَبَرَةٌ بِكِفَايَاتِهِمْ لَا بِكِفَايَةِ غَيْرِهِمْ، وَلَوْ وَجَبَتْ لِلْحَمْلِ لَمَا تَقَدَّرَتْ وَلَكَانَتْ بَعْضَ نَفَقَةِ أَمَةٍ.

وَالثَّانِي: أَنَّ هَذِهِ النَّفَقَةَ لَا تَسْقُطُ بِتَأْخِيرِ الْمُطَالَبَةِ وَنَفَقَةَ الْأَقَارِبِ تَسْقُطُ بِتَأْخِيرِ الْمُطَالِبَةِ فَثَبَتَ أَنَّهَا لَهَا لَا لِحَمْلِهَا.

وَالثَّالِثُ: أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ لِلْحَمْلِ لَوَجَبَ إِذَا مَلَكَ الْحَمْلُ مَالًا مِنْ وَصِيَّةٍ أَوْ مِيرَاثٍ أَنْ تَكُونَ النَّفَقَةُ فِي مَالِهِ لَا عَلَى أَبِيهِ، وَفِي إِجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّهَا عَلَى الْأَبِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهَا تَجِبُ لِلْحَامِلِ دُونَ الْحَمْلِ.

وَالرَّابِعُ: أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ لِلْحَمْلِ لَوَجَبَ أَنْ يُؤْخَذَ الْجَدُّ بِهَا عِنْدَ إِعْسَارِ الْأَبِ وَفِي سُقُوطِهَا عَنْهُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهَا لَا تَجِبُ لَهُ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ " الْإِمْلَاءِ " إِنَّ النَّفَقَةَ تَجِبُ لِلْحَمْلِ لَا لِلْحَامِلِ لِثَلَاثَةِ مَعَانٍ:

أَحَدُهَا: أَنَّ النَّفَقَةَ لما وجبت لوجود الحمل وسقطت بعدمه عَلَى وُجُوبِهَا لِلْحَمْلِ دُونَ أُمِّهِ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَمَّا وَجَبَتْ نَفَقَةُ الْحَمْلِ بَعْدَ انْفِصَالِهِ وَجَبَتْ نَفَقَتُهُ فِي حَالِ اتِّصَالِهِ لِتَحْفَظَ بِهَا حَيَاتَهُ في الحالين.

<<  <  ج: ص:  >  >>