للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَعْتِقُ عَلَيْهِ نَفْسُهُ، وَلَا يَشْهَدُ لَهُ كَمَا لَا يَشْهَدُ لِنَفْسِهِ فَوَجَبَ أَنْ يُنْفِقَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ كَمَا يُنْفِقُ عَلَى نَفْسِهِ.

(الْقَوْلُ فِي شُرُوطِ النَّفَقَةِ عَلَى الْوَلَدِ)

(فَصْلٌ)

فَإِذَا ثَبَتَ وُجُوبُ نَفَقَةِ الْوَلَدِ عَلَى الْوَالِدِ فَهِيَ مُعْتَبَرَةٌ بِشُرُوطٍ فِي الْوَلَدِ وَشُرُوطٍ فِي الْوَالِدِ.

فَأَمَّا الشُّرُوطُ الْمُعْتَبَرَةُ فِي الْوَلَدِ، فَثَلَاثَةُ شُرُوطٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ حُرًّا فَإِنْ كَانَ مَمْلُوكًا كَانَ سَيِّدُهُ أَحَقَّ بِالْتِزَامِ نَفَقَتِهِ مِنْ أَبِيهِ لِأَنَّهُ مَالِكُ كَسْبِهِ.

وَالشَّرْطُ الثَّانِي: أن يكون فقيراً لا مال له إن كَانَ لَهُ مَالٌ كَانَتْ نَفَقَتُهُ فِي مَالِهِ لَا عَلَى أَبِيهِ، لِأَنَّهَا مُوَاسَاةٌ لَا تَجِبُ إِلَّا مَعَ الْفَقْرِ.

وَالشَّرْطُ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ عَاجِزًا عَنِ الْكَسْبِ، وَعَجْزُهُ عَنْهُ يَكُونُ بِأَحَدِ أَمْرَيْنِ:

إِمَّا بِنُقْصَانِ خَلْقِهِ وَإِمَّا بِنُقْصَانِ أَحْكَامِهِ، أَمَّا نُقْصَانُ خَلْقِهِ فَكَالْعَمَى وَالزَّمَانَةِ، وَأَمَّا نُقْصَانُ أَحْكَامِهِ فَكَالصِّغَرِ وَالْجُنُونِ.

وَأَمَّا الشُّرُوطُ الْمُعْتَبَرَةُ فِي وُجُوبِ نَفَقَتِهِ عَلَى الْأَبِ فَثَلَاثَةُ شُرُوطٍ:

أَحَدُهَا: الْحُرِّيَّةُ. لِيَكُونَ بِهَا مِنْ أَهْلِ الْمُوَاسَاةِ، فَإِنْ كَانَ مَمْلُوكًا لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ نَفَقَةُ وَلَدِهِ، لأنه لما تَجِبْ عَلَيْهِ نَفَقَةُ نَفْسِهِ كَانَ أَوْلَى أَنْ لَا تَجِبَ عَلَيْهِ نَفَقَةُ وَلَدِهِ.

وَالشَّرْطُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ قَادِرًا عَلَى نَفَقَتِهِ، وَقُدْرَتُهُ عَلَيْهَا تَكُونُ مِنْ أَحَدِ وَجْهَيْنِ، إِمَّا مِنْ يَسَارٍ بِمَالٍ يَمْلِكُهُ، وَإِمَّا بِكَسْبِ بَدَنِهِ، لِأَنَّ الْقُدْرَةَ عَلَى الْكَسْبِ تُجْرِي عَلَيْهِ حُكْمَ الْغِنَى وَتَسْلُبُهُ حُكْمَ الْفَقْرِ، قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِرَجُلَيْنِ سَأَلَاهُ عَنِ الزَّكَاةِ إِنْ شِئْتُمَا وَلَا حَظَّ فِيهَا لِغَنِيٍّ وَلَا لِذِي قُوَّةٍ مُكْتَسِبٍ ".

وَالشَّرْطُ الثَّالِثُ: أَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهَا فَاضِلَةً عَنْ نَفَقَةِ نَفْسِهِ فَإِنْ لَمْ تَفْضُلْ عَنْهَا سَقَطَتْ عَنْهُ. لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " ابْدَأْ بِنَفْسِكَ ثُمَّ بِمَنْ تَعُولُ ".

(مَسْأَلَةٌ)

قَالَ الشافعي رضي الله عنه: " النوفية دلالة أن النفقة ليست على الميراث وقال ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى {وعلى الوارث مثل ذلك} من أن لا تضار والدة بولدها لا أن عليها النفقة ".

قال الماوري: وَهَذَا صَحِيحٌ وَأَحَقُّ النَّاسِ بِتَحَمُّلِ نَفَقَةِ الْوَلَدِ أَبَوَاهُ إِذَا اسْتُكْمِلَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>