للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدُهَا: أَنْ يَخْتَارَ أَحَدَهُمَا فَيَكُونَ مَنِ اخْتَارَهُ أَحَقَّ بِكَفَالَتِهِ أَبًا كَانَ أَوْ أُمًّا.

وَالْحَالُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَخْتَارَهُمَا فَلَا يَجْتَمِعَانِ فِيهِ مَعَ التَّنَازُعِ، وَيُقْرَعَ بَيْنَ الْأَبَوَيْنِ فَأَيَّهُمَا قَرَعَ كَانَ أَحَقَّ بِكَفَالَتِهِ، لِأَنَّهُ قَدْ تَرَجَّحَ بِالْقُرْعَةِ مَعَ التَّسَاوِي فِي الِاخْتِيَارِ.

وَالْحَالُ الثَّالِثَةُ: أَلَّا يَخْتَارَ وَاحِدًا مِنْهُمَا، فَفِيهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا، وَيَكْفُلُهُ مِنْ قَرَعَ مِنْهُمَا.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ الْأُمَّ أَحَقُّ بِكَفَالَتِهِ لِاسْتِحْقَاقِهَا لِحَضَانَتِهِ وَإِنْ لَمْ يَخْتَرْ غَيْرَهَا لِكَفَالَتِهَا، وَهُوَ أَشْبَهُ.

وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي: وَهُوَ أَنْ يَتَدَافَعَا كَفَالَتَهُ وَيَمْتَنِعَا مِنْهَا، فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ بَعْدَهُمَا مَنْ يَسْتَحِقُّ كَفَالَتَهُ كَالْجَدِّ بَعْدَ الْأَبِ وَالْجَدَّةِ بَعْدَ الْأُمِّ، فَيَخْرُجَانِ بِالتَّمَانُعِ مِنْهَا وَتَنْتَقِلُ الْكَفَالَةُ إِلَى مَنْ بَعْدَهُمَا وَيُخَيَّرُ الْوَلَدُ بَيْنَهُمَا إِذَا تَكَافَأَتْ أَحْوَالُهُمَا، لِأَنَّ حَقَّ الْوَلَدِ بِتَمَانُعِ الْأَبَوَيْنِ مُحْفَظٌ بِغَيْرِهِمَا.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ لَا يَكُونَ بعدهما مستحقاً لِكَفَالَتِهِ لِتَفَرُّدِ الْأَبَوَيْنِ بِهِ فَفِيهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: يَكُونُ الْوَلَدُ عَلَى خِيَارِهِ وَيُجْبَرُ مَنِ اخْتَارَهُ عَلَى كَفَالَتِهِ؛ لِأَنَّ فِي الْكَفَالَةِ حَقًّا لَهُمَا وَحَقًّا عَلَيْهِمَا، فَإِذَا سَقَطَ بِالتَّمَانُعِ حَقُّهُمَا لَمْ يُسْقُطْ بِهِ حَقُّ الْوَلَدِ عَلَيْهِمَا وَلَوْ كَانَ هَذَا التَّمَانُعِ فِي وَقْتِ الْحَضَانَةِ وَقَبْلَ الِانْتِهَاءِ إِلَى وَقْتِ التَّخْيِيرِ فِي الْكَفَالَةِ أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا، وَأُجْبِرَ عَلَيْهَا مَنْ قَرَعَ مِنْهَا، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ} [آل عمران: ٤٤] وَفِيهِ تَأْوِيلَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُمُ اختصموا تنازعاً لكفالتهما فَتُسَاهِمُوا عَلَيْهَا.

وَالثَّانِي: أَنَّهُمُ اخْتَصَمُوا تَدَافُعًا لِكَفَالَتِهَا فَاسْتَهَمُوا فَدَلَّ عَلَى دُخُولِ الْقُرْعَةِ فِي الْحَالَيْنِ عِنْدَ التَّنَازُعِ وَالتَّدَافُعِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَيْهَا مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ النَّفَقَةُ مِنْهُمَا لِوُجُوبِهَا عَلَيْهِ لِقُوَّةِ سَبَبِهِ.

وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّالِثُ: وَهُوَ أَنْ يُسَلِّمَ أَحَدَهُمَا كَفَالَتَهُ إِلَى الْآخَرِ فَيَكُونَ مَنْ سُلِّمَ إِلَيْهِ أَحَقَّ بِكَفَالَتِهِ، وَيَسْقُطَ تَخْيِيرُ الْوَلَدِ فِيهَا فَإِنْ عَادَ بَعْدَ التَّسْلِيمِ مُطَالِبًا بِهَا عَادَ إِلَى حَقِّهِ مِنْهَا، فَإِنْ تَنَازَعَا بَعْدَ عَوْدِهِ فَالْقِسْمُ الْأَوَّلُ. وَلَوْ جَعَلْتَ الْكَفَالَةَ لِأَحَدِهِمَا بِاخْتِيَارِ الْوَلَدِ فَدَفَعَهَا عَنْ نَفْسِهِ إِلَى الْآخَرِ، فَإِنْ دَفَعَهَا الْآخَرُ عَنْ نَفْسِهِ فَكَالْقِسْمِ الْأَوَّلِ وَإِنْ قَبِلَهَا فَكَالْقِسْمِ الثَّالِثِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>