للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التَّخْيِيرُ بَيْنَ جَمِيعِ الْأَجْدَادِ وَجَمِيعِ الْجَدَّاتِ، وَهَذَا مِمَّا لَمْ يَخْتَلِفْ فِيهِ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَجَمِيعُ أَصْحَابِهِ.

فَأَمَّا تَخْيِيرُ الْمَوْلُودِ بَيْنَ الْأُمِّ وَبَيْنَ سائر العصبات عشر عَدَمِ الْأَبِ وَالْأَجْدَادِ كَالْإِخْوَةِ وَالْأَعْمَامِ وَبَيْنَهُمْ فَفِيهِ لِأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: لَا يُخَيَّرُ وَتَكُونُ الْأُمُّ أَحَقَّ بِكَفَالَتِهِ مِنْ غَيْرِ تَخْيِيرٍ.

(مَسْأَلَةٌ)

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَكَذَلِكَ أَبُو أَبِي الْأَبِ وَكَذَلِكَ الْعَصَبَةُ يَقُومُونَ مَقَامَ الْأَبِ إِذَا لَمْ يَكُنْ أَقْرَبُ مِنْهُمْ مَعَ الْأُمِّ وَغَيْرِهَا مِنْ أُمِّهَاتِهَا ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَالْجَدُّ أَبُو أَبِي الْأَبِ يَقُومُ مَقَامَ الْأَبِ عِنْدَ مَوْتِهِ أَوْ نَقْصِهِ وَالْجَدَّةُ أُمُّ الْأُمِّ يقوم مَقَامَ الْأُمِّ، عِنْدَ مَوْتِهَا أَوْ نَقْصِهَا، فَأَمَّا التخيير الْمَوْلُودِ بَيْنَ مُسْتَحِقِّي حَضَانَتِهِ فَيُخَيَّرُ بَيْنَ أَبَوَيْهِ، والأم والأب، ولا تخير بَيْنَ غَيْرِهِمَا مَعَ وُجُودِهِمَا، فَإِنْ عُدِمَتِ الْأُمُّ خُيِّرَ بَيْنَ الْأَبِ وَبَيْنَ جَمِيعِ أُمَّهَاتِ الْأُمِّ وَإِنْ عُدِمَ الْأَبُ خُيِّرَ بَيْنَ الْأُمِّ وَجَمِيعِ آبَاءِ الْأَبِ، هَذَا فِيمَا لَمْ يَخْتَلِفْ فِيهِ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَجَمِيعُ أَصْحَابِهِ وَاخْتَلَفُوا فِي تَخْيِيرِهِ بَيْنَ الْأُمِّ وَسَائِرِ الْعَصَبَاتِ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: لَا يُخَيَّرُ وَتَكُونُ الْأُمُّ أَحَقَّ بِكَفَالَتِهِ لِاخْتِصَاصِهَا بِالْوِلَادَةِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُخَيَّرُ كَمَا يُخَيَّرُ بَيْنَهُمَا وبين الأب لأنهم عصبة مناسبون كالأب ولحديث عُمَارَةَ الْجُرَمِيِّ قَالَ: خَيَّرَنِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ بَيْنَ أُمِّي وَعَمِّي وَقَالَ لِأَخٍ لِي هُوَ أَصْغَرُ مِنِّي، وَهَذَا أَيْضًا لَوْ قَدْ بَلَغَ لَخَيَّرْتُهُ.

فَأَمَّا تَخْيِيرُهُ بَيْنَ الْأَبِ وَبَيْنَ غَيْرِ الْأُمِّ وَأُمَّهَاتِهَا مِنْ نِسَاءِ الْحَضَانَةِ، فَإِنْ أَدْلَيْنَ بِالْأَبِ لَمْ يُخَيَّرْ بَيْنَهُنَّ وَبَيْنَ الْأَبِ، وَإِنْ أَدْلَيْنَ بِالْأُمِّ كَالْخَالَاتِ فَفِي تَخْيِيرِهِ بَيْنَ الْأَبِ وَبَيْنَهُنَّ مَا ذَكَرْنَا مِنَ الْوَجْهَيْنِ.

فَأَمَّا تَخْيِيرُهُ بَيْنَ سَائِرِ الْعَصَبَاتِ، وَبَيْنَ سَائِرِ النِّسَاءِ سِوَى الْأُمَّهَاتِ، فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ:

أَحَدُهَا: لَا تخير وَتَكُونُ الْعَصَبَاتُ أَحَقَّ.

وَالثَّانِي: لَا يُخَيَّرُ وَيَكُونُ نِسَاءُ الْقُرَابَاتِ أَحَقَّ.

وَالثَّالِثُ: يُخَيَّرُ بَيْنَ عَصَبَاتِهِ وبين نساء قراباته إذا تساوت درجتهم فَإِنْ تَسَاوَى اثْنَانِ فِي عَصَبَتِهِ لِأَخَوَيْنِ أَوِ اثْنَتَانِ مِنْ قِرَابَاتِهِ كَالْأُخْتَيْنِ فَفِيهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: يخير بينهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>