للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالثَّانِي: يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا وَلَا يُخَيَّرُ وَيَسْتَحِقُّهُ مِنْ قرع منهما.

[(مسألة)]

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَإِذَا أَرَادَ الْأَبُ أَنْ يَنْتَقِلَ عَنِ الْبَلَدِ الَّذِي نَكَحَ بِهِ الْمَرْأَةَ كَانَ بَلَدَهُ أَوْ بَلَدَهَا فَسَوَاءٌ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ إِذَا قَالَ أَرَدْتُ النَّقْلَةَ وَهُوَ أَحَقُّ بِالْوَلَدِ مُرْضَعًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ إِذَا انْتَقَلَ الْأَبُ عَنْ وَطَنِ الْأُمِّ لِاسْتِيطَانِ غَيْرِهِ مِنَ البلاد يكون بِوَلَدِهِ أَحَقَّ مِنْ أُمِّهِ سَوَاءٌ كَانَ رَضِيعًا فِي زَمَانِ الْحَضَانَةِ أَوْ فَطِيمًا فِي زَمَانِ الْكَفَالَةِ، وَهَكَذَا لَوْ أَقَامَ الْأَبُ وَانْتَقَلَتِ الْأُمُّ، كَانَ الْأَبُ أَحَقَّ بِالْوَلَدِ مِنْهَا سَوَاءٌ كَانَتْ بَلَدَهُ أَوْ بَلَدَهَا.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِنِ انْتَقَلَتِ الْأُمُّ إِلَى بَلَدِهَا الَّذِي نَكَحَهَا فِيهِ فَهِيَ أَحَقُّ بِهِ، وَإِنِ انْتَقَلَتْ إِلَى غَيْرِهِ، فَالْأَبُ أَحَقُّ بِهِ، وَهَذَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ، لِأَنَّ حِفْظَ نَسَبِهِ مُخْتَصٌّ بِأَبِيهِ دُونَ أُمِّهِ، وَهُوَ أَوْلَى بِمَصَالِحِهِ لِثُبُوتِ التَّوَارُثِ بِهِ، وَلَوْ خَرَجَ لِسَفَرِ حَاجَةٍ فَالْأَمْرُ عَلَى حَقِّهَا مِنْ كَفَالَتِهِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُسَافِرَ بِهِ لِمَا يَنَالُهُ مِنْ شَقَاءِ السَّفَرِ وَكَثْرَةِ الحظر فلو اختلفا في السفرن فَقَالَ الْأَبُ أُرِيدُهُ لِلنَّقْلِ فِي الِاسْتِيطَانِ وَقَالَتِ الْأُمُّ: بَلْ تُرِيدُهُ لِلْحَاجَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْأَبِ مع يمنيه لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ عَزْمُهُ إِلَّا مِنْ جِهَتِهِ وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَسْتَنِيبَ فِي كَفَالَةِ وَلَدِهِ جَازَ.

وَلَوْ أَرَادَتِ الْأُمُّ الِاسْتِنَابَةَ لَمْ يَجُزْ، لِاخْتِصَاصِ الْأَبِ بِالْمُرَاعَاةِ، وَهِيَ تُمَكِّنُهُ مِنَ الِاسْتِنَابَةِ وَاخْتِصَاصُ الْأُمِّ بِمُبَاشَرَةِ التَّرْبِيَةِ، وَهَى مَعْقُودَةٌ مَعَ الاستنابة.

[(مسألة)]

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَكَذَلِكَ الْعَصَبَةُ إِلَّا أَنْ تَخْرُجَ الْأُمُّ إِلَى ذَلِكَ الْبَلَدِ فَتَكُونُ أَوْلَى ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: يَعْنِي أَنَّ الْعَصَبَةَ بَعْدَ الْأَبِ يَقُومُونَ مَقَامَهُ إِذَا انْتَقَلُوا فِي إِخْرَاجِهِ مَعَهُمْ لِحِفْظِ نَسَبِهِ بِهِمْ، كَالْأَبِ، فَإِنِ انْتَقَلَ بَعْضُهُمْ وَأَقَامَ بَعْضُهُمْ، فَعَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَنْتَقِلَ أَبَاعِدُهُمْ وَيُقِيمَ أَقَارِبُهُمْ فَالْمُقِيمُونَ أَوْلَى.

وَالثَّانِي: أَنْ يَنْتَقِلَ أَقَارِبُهُمْ وَيُقِيمَ أَبَاعِدُهُمْ فَالْمُنْتَقِلُونَ أَوْلَى بِهِ.

وَالثَّالِثُ: أَنْ يَتَسَاوَوْا فِي الدَّرَجَةِ قُرْبًا وَبُعْدًا فَالْمُقِيمُونَ أَوْلَى به من المتنقلين لِاسْتِوَائِهِمْ فِي حِفْظِ نَسَبِهِ وَحُصُولِ الدَّعَةِ بِإِقَامَتِهِ.

[(مسألة)]

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلَا حَقَّ لِمَنْ لَمْ تَكْمُلْ فِيهِ الْحُرِّيَّةُ فِي وَلَدِ الْحُرِّ وَإِذَا كَانَ وَلَدُ الْحُرِّ مَمَالِيكَ فَسَيِّدُهُمْ أَحَقُّ بِهِمْ ".

<<  <  ج: ص:  >  >>