للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: لَا حَقَّ لِلْمَمْلُوكِ فِي حَضَانَةِ وَلَدِهِ، لِأَنَّ فِي الْحَضَانَةِ وِلَايَةً لَا تَسْتَحِقُّ مَعَ الرِّقِّ، وَكَذَلِكَ الْمُدَبَّرُ وَالْمُكَاتَبُ وَأُمُّ الْوَلَدِ وَمَنْ رَقَّ بَعْضُهُ، لِأَنَّ أَحْكَامَ الرِّقِّ عَلَيْهِمْ جَارِيَةٌ، فَإِنْ عَتَقُوا زَاحَمُوا أَهْلَ الْحَضَانَةِ فِيهَا وَلَا يَمْنَعُهُمْ ثُبُوتُ الْوَلَاءِ عَلَيْهِمْ مُنَازَعَةَ مَنْ لَا وَلَاءَ عَلَيْهِ لِاسْتِوَائِهِمْ فِي الْحُرِّيَّةِ وَلِكَمَالِ التصرف.

[(مسألة)]

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَإِذَا كَانُوا مِنْ حُرَّةٍ وَأَبُوهُمْ مَمْلُوكٌ فَهِيَ أَحَقُّ بِهِمْ وَلَا يُخَيَّرُونَ فِي وَقْتِ الْخِيَارِ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: لَا يَخْلُو دُخُولُ الرِّقِّ بَيْنَ الْوَلَدِ وَأَبَوَيْهِ مِنْ أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ حُرًّا وَأَبَوَاهُ مَمْلُوكَيْنِ فَلَا حَضَانَةَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا لِرِقِّهِ وَلَا لِسَيِّدِهِ، لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي وَلَدِ مَمْلُوكِهِ لِحُرِّيَّتِهِ وَيَكُونُ فِي حُكْمِ الْعَادِمِ لِأَبَوَيْهِ فَيَقُومُ بِكَفَالَتِهِ وَنَفَقَتِهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ إِلَى أَنْ يُرَاهِقَ وَيَسْتَغْنِيَ عَنْ مُرَاعَاةِ غَيْرِهِ، وَيَقْدِرَ عَلَى الِاكْتِسَابِ بِنَفْسِهِ وَلَا يُعْتَبَرُ الْبُلُوغُ إِلَّا فِي حَقِّ الْأَبَوَيْنِ، لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي بَيْتِ الْمَالِ حَالُ الضَّرُورَةِ، وَفِي حَقِّ الْأَبَوَيْنِ كَمَالُ الْوَلَدِ.

وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ مَمْلُوكًا وَأَبَوَاهُ حُرَّيْنِ فَلَا كَفَالَةَ لَهُمَا بَعْدَ الْبَيْعِ لِرِقِّ الْوَلَدِ، وَلَا حَضَانَةَ لِأَبِيهِ فِيمَا دُونَ السَّبْعِ، وَفِي اسْتِحْقَاقِ الْأُمِّ لِحَضَانَتِهِ فِي السَّبْعِ رَضِيعًا أَوْ فَطِيمًا وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: تَسْتَحِقُّهَا لِفَضْلِ حُنُوِّهَا، وَعَجْزِ السَّيِّدِ عَنْهَا.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا تَسْتَحِقُّهَا، لِأَنَّ الْمَمْلُوكَ لَا تَثْبُتُ عَلَيْهِ وِلَايَةٌ لِغَيْرِ سَيِّدِهِ.

وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ وَأَبُوهُ حُرَّيْنِ، وَأُمُّهُ مَمْلُوكَةً فَالْأَبُ أَحَقُّ بِهِ حَاضِنًا وَكَفِيلًا لِحُرِّيَّتِهِ وَرِقِّ الْأُمِّ.

وَالْقِسْمُ الرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ وَأُمُّهُ مَمْلُوكَيْنِ وَأَبُوهُ حُرًّا، فَلَا حَقَّ لِأَبِيهِ فِي حضانته ولا في كفالة، فَأَمَّا أُمُّهُ فَإِنْ كَانَتْ لِغَيْرِ سَيِّدِهِ فَلَا حَقَّ لَهَا فِي حَضَانَتِهِ وَإِنْ كَانَتْ لِسَيِّدِهِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا فِي حَالِ صِغَرِهِ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " لا تولد وَالِدَةٌ عَلَى وَلَدِهَا ".

وَهَلْ تَصِيرُ بِالْمَنْعِ مِنَ التَّفْرِقَةِ بَيْنَهُمَا مُسْتَحِقَّةً لِحَضَانَتِهِ أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: تَسْتَحِقُّهَا، لِأَنَّ الْمَنْعَ مِنَ التَّفْرِقَةِ بَيْنَهُمَا قَدْ جَعَلَهَا أَحَقَّ بِهِ مِنْ غَيْرِهَا.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا تَسْتَحِقُّهَا لِأَنَّ ثُبُوتَ الرِّقِّ عَلَيْهَا مَانِعٌ مِنْ وِلَايَتِهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>