للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَلَا يَخْلُو ضَمَانُهَا فِي الْعَبْدِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ تُضْمَنَ بِالْجِنَايَةِ فَتُضْمَنَ بِنِصْفِ قِيمَتِهِ كَالْحُرِّ فِي ضَمَانِهَا بِنِصْفِ دِيَتِهِ.

وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ تُضْمَنَ بِالْيَدِ فَتُضْمَنَ مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ سَوَاءٌ زَادَ عَلَى نِصْفِ الْقِيمَةِ أَوْ نَقَصَ كَالْبَهِيمَةِ.

وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ تُضْمَنَ بِالْيَدِ وَالْجِنَايَةِ فَيَضْمَنُهَا بِأَكْثَرِ الْأَمْرَيْنِ مِنْ نِصْفِ قِيمَتِهِ؛ أَوْ مَا نَقَصَ مِنْهَا لِأَنَّهُ لَمَّا جَمَعَ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ وَجَبَ أَنْ يَلْزَمَهُ أَغْلَظُهُمَا لوجود موجبه.

[(مسألة)]

قَالَ الشَّافِعِيُّ: رَحِمَهُ اللَّهُ وَلَا يُقْتَلُ وَالِدٌ بِوَلَدٍ لِأَنَّهُ إِجْمَاعٌ وَلَا جَدٌّ مِنْ قِبَلِ أُمٍّ وَلَا أَبٍ بِوَلَدِ وَلَدٍ وَإِنْ بَعُدَ لأنه والد (قال المزني) رحمه الله: هذا يؤكد ميراث الجد لأن الأخ يقتل بأخيه، ولا يقتل الجد بابن ابنه، ويملك الأخ أخاه في قوله، ولا يملك جده وفي هذا دليل على أن الجد كالأب في حجب الإخوة وليس كالأخ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَلَا يُقْتَلُ وَالِدٌ وَلَا وَالِدَةٌ وَلَا جَدٌّ وَلَا جَدَّةٌ بِوَلَدٍ وَلَا بِوَلَدِ وَلَدٍ وَإِنْ سَفُلَ، سَوَاءٌ قَتَلَهُ ذَبْحًا أَوْ حَذْفًا وَقَالَ مَالِكٌ: إِنْ ذَبَحَهُ غِيلَةً قُتِلَ بِهِ وَإِنْ حَذَفَهُ بِسَيْفٍ فَقَتَلَهُ لَمْ يُقْتَلْ بِهِ، اسْتِدْلَالًا بِعُمُومِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَلِأَنَّ تَسَاوِيَهُمَا فِي الْإِسْلَامِ وَالْحُرِّيَّةِ يُوجِبُ تَسَاوِيَهُمَا فِي الْقَوَدِ كَالْأَجَانِبِ وَلِأَنَّهُ لَمَّا قُتِلَ الْوَلَدُ بِالْوَالِدِ جَازَ قَتْلُ الْوَالِدِ بِالْوَلَدِ.

وَدَلِيلُنَا مَا رَوَى قَتَادَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا تُقَامُ الْحُدُودُ فِي الْمَسَاجِدِ، وَلَا يُقَادُ بِالْوَلَدِ الْوَالِدُ ".

وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلَانَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي مُدْلِجٍ أَوْلَدَ جَارِيَةً فَأَصَابَ مِنْهَا ابْنًا، وَكَانَ يَسْتَخْدِمُهَا، فَلَمَّا شَبَّ الْغُلَامُ قَالَ: إِلَى مَتَى تَسْتَأْمِي أُمِّي أَيْ: تَسْتَخْدِمُهَا خِدْمَةَ الْإِمَاءِ فَغَضِبَ فَحَذَفَهُ بِسَيْفٍ أَصَابَ رِجْلَهُ فَقَطَعَهَا، وَمَاتَ فَانْطَلَقَ فِي رَهْطٍ إِلَى عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ: يَا عَدُوَّ نَفْسِهِ أَنْتَ الَّذِي قَتَلْتَ ابْنَكَ لَوْلَا أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُولُ: لَا يُقَادُ الْأَبُ مِنَ ابْنِهِ لَقَتَلْتُكَ هَلُمَّ دِيَتَهُ قَالَ فَأَتَاهُ بِعِشْرِينَ وَمِائَةِ بَعِيرٍ قَالَ فَخَيَّرَ مِنْهَا مِائَةً فَدَفَعَهَا إِلَى وَرَثَتِهِ، وَتَرَكَ أَبَاهُ فَإِنْ قِيلَ: إِنَّمَا أَسْقَطَ عَنْهُ الْقَوَدَ لِلْحَذْفِ وَدُخُولِ الشُّبْهَةِ فِيهِ بِمَا جُعِلَ لَهُ مِنْ تَأْدِيبِهِ، وَهَذَا الْمَعْنَى مَفْقُودٌ فِي ذبحه غيلة.

<<  <  ج: ص:  >  >>