للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ يَقُولُ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ مِلْءَ السموات وَمِلْءَ الْأَرْضِ، وَمَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ "

وروى عطية عن فزعة بْنِ يَحْيَى عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يَقُولُ حِينَ يَقُولُ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حمده اللهم ربنا لك الحمد ملء السموات، وَمِلْءَ الْأَرْضِ وَمَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ أَهْلَ الثَّنَاءِ وَالْمَجْدِ حَقَّ مَا قَالَ الْعَبْدُ كُلُّنَا لَكَ عَبْدٌ، لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ، وَلِأَنَّ أَذْكَارَ الصَّلَاةِ إِذَا سُنَّتْ لِلْمَأْمُومِ سُنَّتْ لِلْإِمَامِ كَالتَّكْبِيرِ، وَالتَّسْبِيحِ

وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فَهُوَ: أَنَّهُ ليس نهي لِلْمَأْمُومِ عَنْ قَوْلِ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَه، وَإِنَّمَا فِيهِ أَمْرٌ لَهُ بِقَوْلِ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ، وَإِنَّمَا أَمَرَهُ بِهَذَا أَوْ لَمْ يَأْمُرْهُ بِقَوْلِ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، لِأَنَّهُ يَسْمَعُ هَذَا مِنَ الْإِمَامِ فَيَتْبَعُهُ فِيهِ، وَلَا يَسْمَعُ قَوْلَهُ: رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ فَأَمَرَهُ بِهِ، وَأَمَّا قَوْلُهُمْ أَنَّهُمَا ذِكْرَانِ فَلَمْ يَجْتَمِعَا فِي الِانْتِقَالِ، فالجواب أن قوله سمع الله لمن حمده موضوع للانتقال وَرَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ مَسْنُونٌ فِي الِاعْتِدَالِ فَصَارَا ذِكْرَيْنِ فِي مَحَلَّيْنِ، وَأَمَّا قَوْلُهُمْ أَنَّ أَحَدَهُمَا إِخْبَارٌ وَالْآخَرَ جَوَابٌ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَجْمَعَ الْوَاحِدُ بَيْنَهُمَا فَهُوَ فَاسِدٌ بِقَوْلِهِ آمِينَ هُوَ فِي مُقَابَلَةِ قَوْله تَعَالَى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [الفاتحة: ٦] ثُمَّ قَدْ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا فِي الصَّلَاةِ

(فَصْلٌ)

: فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُمَا مَعًا مَسْنُونَانِ لِلْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ، فَإِنَّ الْإِمَامَ يَجْهَرُ بِقَوْلِ سَمِعِ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، وَلِأَنَّهُ مَوْضُوعٌ لِلِانْتِقَالِ لِيَعْلَمَ بِهِ الْمَأْمُومُ كَالتَّكْبِيرِ، وَيُسِرُّ بِقَوْلِهِ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ، لِأَنَّهُ ذِكْرٌ فِي رُكْنٍ كَالتَّسْبِيحِ، فَأَمَّا الْمَأْمُومُ فَيُسِرُّ بِهِمَا جَمِيعًا وَيَخْتَارُ لِلْمُصَلِّي إِنْ كَانَ مُنْفَرِدًا أَنْ يَقُولَ مَا رَوَاهُ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ، وَلَا يَخْتَارُهُ الْإِمَامُ، لِأَنْ لَا يُطِيلُ الصَّلَاةَ، وَلَا يَخْتَارُهُ الْمَأْمُومُ لِئَلَّا يُخَالِفَ الْإِمَامَ فَلَوْ قَالَ بَدَلًا مِنْ ذَلِكَ حَمِدَ اللَّهُ مَنْ سَمِعَهُ، أَوْ كَبَّرَ أَجْزَأَهُ، وَإِنْ خَالَفَ السنة

[(مسألة)]

: قال الشافعي رضي الله عنه: " فإذا هوى ليسجد ابتداء التَّكْبِيرِ قَائِمًا، ثُمَّ هَوَى مَعَ ابْتِدَائِهِ حَتَّى يكون القضاء تَكْبِيرِهِ مَعَ سُجُودِهِ، وَأَوَّلُ مَا يَقَعُ مِنْهُ عَلَى الْأَرْضِ رُكْبَتَاهُ، ثُمَّ يَدَاهُ ثُمَّ جَبْهَتُهُ وأنفه ويكون على أصابع رجليه "

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهُوَ كَمَا قَالَ أَمَّا السُّجُودُ فَهُوَ الِانْحِنَاءُ وَالِاسْتِسْلَامُ

قَالَ الْأَعْشَى:

<<  <  ج: ص:  >  >>