للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِأَنَّ شَرِيكَ الْأَبِ لَا قَوَدَ عَلَيْهِ عِنْدَكَ، وَلَيْسَ الْقَلَمُ مَرْفُوعًا عَنِ الْأَبِ، فَأَبْطَلَ عَلَيْهِ تَعْلِيلَهُ بِارْتِفَاعِ الْقَلَمِ.

قَالَ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ: لَا يُلْزَمُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ هَذِهِ الْمُنَاقَضَةَ، لِأَنَّهَا نَقِيضُ الْعَكْسِ دُونَ الطَّرْدِ، وَالنَّقِيضُ إِنَّمَا يُلْزَمُ فِي الطَّرْدِ بِأَنْ تُوجَدَ الْعِلَّةُ وَلَا حُكْمَ، وَلَا يُلْزَمُ فِي الْعَكْسِ بِأَنْ يُوجَدَ الْحُكْمُ وَلَا عِلَّةَ فَعَنْهُ جَوَابَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ مِنْ مَذْهَبِهِمْ نَقْضَ الْعِلَّةِ بِطَرْدِهَا وَعَكْسِهَا، فَأَلْزَمَهُمُ الشَّافِعِيُّ عَلَى مَذْهَبِهِمْ.

وَالْجَوَابُ الثَّانِي: أَنَّ التَّعْلِيلَ إِذَا كَانَ لِعَيْنٍ انْتَقَضَ بِإِيجَادِ الْعِلَّةِ وَلَا حُكْمَ، وَلَا يَنْتَقِضُ بِإِيجَادِ الْحُكْمِ وَلَا عِلَّةَ، وَإِذَا كَانَ التَّعْلِيلُ لِجِنْسٍ انْتَقَضَ بِإِيجَادِ الْعِلَّةِ وَلَا حُكْمَ بِإِيجَادِ الْحُكْمِ وَلَا عِلَّةَ، وَتَعْلِيلُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ قَدْ كَانَ لِلْجِنْسِ دُونَ الْعَيْنِ، فَصَحَّ انْتِقَاضُهُ بِكِلَا الْأَمْرَيْنِ.

وَالْفَصْلُ الثَّانِي: مِنْ كَلَامِ الْمُزَنِيِّ أَنِ اعْتُرِضَ بِهِ عَلَى الشافعي فقال قد شارك محمد ابن الْحَسَنِ فِيمَا أُنْكِرَ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ رَفَعَ الْقِصَاصَ عَنِ الْخَاطِئِ حَتَّى أَسْقَطَ بِهِ الْقَوَدَ عَنِ الْعَامِدِ، وَرَفَعَ الْقِصَاصَ عَنِ الصَّبِيِّ وَلَمْ يُسْقِطْ بِهِ الْقَوَدَ عَنِ الْبَالِغِ، وَهَذَا الِاعْتِرَاضُ وَهْمٌ مِنَ المُزَنِيِّ، لِأَنَّ الشَّافِعِيَّ حَمَلَ ذَلِكَ عَلَى اخْتِلَافِ قَوْلَيْهِ فِي عَمْدِ الصَّبِيِّ هَلْ يَكُونُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً، فَجَعَلَهُ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ عَمْدًا فَلَمْ يَسْقُطْ بِهِ الْقَوَدُ عَنِ الْبَالِغِ إِذَا شَارَكَهُ لِوُجُودِ الشُّبْهَةِ فِي الْفَاعِلِ دُونَ الْفِعْلِ، بِخِلَافِ الْخَاطِئِ، وَإِنْ جُعِلَ عَمْدُهُ فِي الْقَوْلِ الثَّانِي خَطَأً سَقَطَ بِهِ الْقَوَدُ عَنِ الْبَالِغِ لِوُجُودِ الشُّبْهَةِ فِي الْقَتْلِ دُونَ الْفَاعِلِ كَالْخَاطِئِ، فَكَانَ اعْتِرَاضُهُ زَلَلًا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

[(مسألة)]

قال الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: " وَلَوْ قَتَلَ أَحَدُ الْوَلِيَّيْنِ الْقَاتِلَ بِغَيْرِ أَمْرِ صَاحِبِهِ فَفِيهَا قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنْ لَا قِصَاصَ بِحَالٍ لِلشُّبْهَةِ قَالَ الله تعالى {فقد جعلنا لوليه سلطاناً} يَحْتَمِلُ أَيَّ وَلِيٍّ قَتَلَ كَانَ أَحَقَّ بِالْقَتْلِ وَهُوَ مَذْهَبُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ يُنْزِلُونَهُ مَنْزِلَةَ الْحَدِّ لَهُمْ عَنْ أَبِيهِمْ إِنْ عَفوا إِلَّا واحدا كان له أن يحده (قَالَ الشَّافِعِيُّ) رَحِمَهُ اللَّهُ وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لا يجهل عزر وقيل للولاة معه لكم حصصكم والقول من أين يأخذونها واحد من قولين أحدهما أنها لهم من مال القاتل يرجع بها ورثة القاتل في مال قاتله ومن قال هذا فإن عفوا عن القاتل الدية رجع ورثة قاتل المقتول على قاتل صاحبهم بحصة الورثة معه من الدية والقول الثاني في حصصهم أنها لهم في مال أخيهم القاتل قاتل أبيهم لأن الدية إنما كانت تلزمه لو كان لم يقتله ولي فإذا قتله ولي فلا يجتمع عليه

<<  <  ج: ص:  >  >>