للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قاعد وقعد غير متشهد لم جزه حَتَّى يَكُونَ التَّشَهُّدُ فِي قُعُودِهِ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَحَقٌّ فِي مَحَلِّهِ كَالْقِرَاءَةِ تُسْتَحَقُّ فِي الْقِيَامِ، فَلَوْ قَرَأَ غَيْرَ قَائِمٍ أَوْ قَامَ غَيْرَ قَارِئٍ لم يجزه حتى تكون قراءته في قيام والله أعلم بالصواب

[(مسألة)]

: قال الشافعي رضي الله عنه: " ثُمَّ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - "

وَهَذَا كَمَا قَالَ

الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَاجِبَةٌ فِي الصَّلَاةِ فِي التَّشَهُّدِ الْآخِرِ، وَبِهِ قَالَ مِنَ الصَّحَابَةِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وَأَبُو مَسْعُودٍ الْبَدْرِيُّ، وَمِنَ التَّابِعِينَ: مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ، وَمِنَ الْفُقَهَاءِ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ

وَقَالَ أبو حنيفة، وَمَالِكٌ وَسَائِرُ الْفُقَهَاءِ: هِيَ سُنَّةٌ وَلَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ اسْتِدْلَالًا بِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حِينَ عِلَّمَهُ التَّشَهُّدَ قَالَ لَهُ: " فَإِذَا قَضَيْتَ هَذَا فَقَدْ قَضَيْتَ صَلَاتَكَ، فَإِنْ شِئْتَ أَنْ تَقُومَ فَقُمْ، وَإِنْ شِئْتَ أَنْ تَقْعُدَ فَاقْعُدْ " قَالُوا: وَلِأَنَّهَا جِلْسَةٌ مَوْضُوعَةٌ لِلتَّشَهُّدِ فَوَجَبَ أَنْ لَا تَجِبَ فِيهَا الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَالتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ، قَالُوا: وَلِأَنَّهُ ذِكْرٌ فِي قُعُودٍ فَاقْتَضَى أَنْ يَكُونَ غَيْرَ وَاجِبٍ كَالدُّعَاءِ، قَالُوا: وَلِأَنَّ أُصُولَ الصَّلَاةِ مَوْضُوعَةٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ ذِكْرَانِ فِي رُكْنٍ، فَلَمَّا زَعَمْتُمْ أَنَّ التَّشَهُّدَ وَاجِبٌ اقْتَضَى أَنْ تَكُونَ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - غَيْرَ وَاجِبَةٍ

وَدَلِيلُنَا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}

قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَأَوْجَبَ عَلَيْنَا أَنْ نُصَلِّيَ عَلَى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَوْلَى الْأَحْوَالِ أَنْ يَكُونَ فِي الصَّلَاةِ، وَقَالَ أَصْحَابُنَا: أَوْجَبَ عَلَيْنَا الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَقَدْ أَجْمَعُوا أَنَّهُ لَا يَجِبُ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ فَثَبَتَ أَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ

قَالَ الكرخي: إِنَّمَا الْوَاجِبُ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ وَهُوَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ فِي الْعُمْرِ مَرَّةً وَاحِدَةً، فَيُقَالُ لَهُ الْكَلَامُ مَعَ أبي حنيفة، وَهُوَ لَا يُوجِبُ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ بِحَالٍ

وَرَوَى فَضَالَةُ بْنُ عُبَيْدٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سَمِعَ رَجُلًا يَدْعُو فِي صَلَاتِهِ فَلَمْ يَحْمَدْ رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَلَمْ يُصَلِّ عَلَى نَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: " إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَفِ بِالْحَمْدِ لِلَّهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ، ثُمَّ لِيُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " وهذا أمر

<<  <  ج: ص:  >  >>