للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَدْ نَاقَضَ وَمَذْهَبُهُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ مُسَمًّى عَلَى الْقِيَاسِ.

فَإِذَا كَانَتْ كَفُّ الْمَقْطُوعِ نَاقِصَةً أصْبعا سَقَطَ الْقِصَاصُ فِي كَفِّ الْقَاطِعِ لِزِيَادَةِ أُصْبُعِهِ الَّتِي لَا قِصَاصَ فِيهَا وَلَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهَا مع قطع الكف، فوجب استيفاء الكف بهائا لِحِفْظِ الْأصْبع الزَّائِدَةِ، وَاقْتُصَّ مِنْ أَصَابِعِهِ الَّتِي لِلْمَقْطُوعِ مِثْلُهَا، وَاسْتَبْقَى لِلْقَاطِعِ الْأُصْبُعَ الَّتِي فُقِدَتْ مِنَ المَقْطُوعِ، وَأُخِذَ مِنْهُ أَرْشُ الْكَفِّ الْمُسْتَبْقَاةِ لَهُ، وَلَا يُبْلَغُ بِأَرْشِهَا دِيَةُ أصْبع، لِأَنَّهَا تبع للأصابع.

[(مسألة)]

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَإِنْ كَانَتْ شَلَّاءَ فَلَهُ الْخِيَارُ إِنْ شَاءَ اقْتَصَّ بِأَنْ يَأْخُذَ أَقَلَّ مِنْ حَقِّهِ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ دِيَةَ الْيَدِ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ إِذَا قَطَعَ الْأَشَلُّ الْيَدِ يَدًا سَلِيمَةً لَمْ تَكُنِ الشَّلَّاءُ مُكَافِئَةً لَهَا لِنَقْصِهَا عَنْ كَمَالِ السَّلَامَةِ فَإِنْ أَرَادَ الْمَقْطُوعُ أُعْطِيَ دِيَةَ يد سلمية فَإِنْ أَرَادَ الْقِصَاصَ مِنَ الشَّلَّاءِ بِيَدِهِ السَّلِيمَةِ كَانَ لَهُ، لِأَنَّ أَخْذَ الْأَنْقَصِ بِالْأَكْمَلِ يَجُوزُ، وَأَخْذَ الْأَكْمَلِ بِالْأَنْقَصِ لَا يَجُوزُ، فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَقْتَصَّ مِنَ الشَّلَّاءِ لِيَأْخُذَ مَعَ الْقِصَاصِ مِنَ الكَامِلَةِ أَرْشَ النَّقْصِ لَمْ يَجُزْ، كَمَا لَوْ قَتَلَ كَافِرٌ مُسْلِمًا فَأَرَادَ وَلِيُّ الْمُسْلِمِ أَنْ يَقْتَصَّ مِنَ الكَافِرِ وَيَأْخُذَ فَضْلَ الدِّيَةِ لَمْ يَجُزْ، فَإِنْ خِيفَ عَلَى الْقَاطِعِ الْأَشَلِّ إِنْ قُطِعَتْ يَدُهُ الشَّلَّاءُ أَنْ لَا تَنْدَمِلَ عُرُوقُ الدَّمِ بِالشَّلَلِ الَّذِي لَا يَلْتَحِمُ وَيَتَحَقَّقُ تَلَفُهُ لَمْ يُقْتَصَّ مِنْهُ، لِأَنَّهُ يَصِيرُ اقْتِصَاصًا من يد بنفس.

[(مسألة)]

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَإِنْ كَانَ الْمَقْطُوعُ أَشَلَّ لَمْ يَكُنْ لَهُ الْقَوَدُ فَيَأْخُذُ أَكْثَرَ وَلَهُ حُكُومَةُ يَدٍ شَلَّاءَ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: لَا يَجُوزُ أَنْ يُقْتَصَّ مِنَ اليَدِ السَّلِيمَةِ بِالْيَدِ الشَّلَّاءِ.

وَقَالَ دَاوُدُ: يُقْتَصُّ مِنَ السَّلِيمَةِ بِالشَّلَّاءِ اعْتِبَارًا بِمُطْلَقِ الِاسْمِ، كَمَا يُقْتَصُّ مِنَ القَوِيَّةِ بِالضَّعِيفَةِ وَمِنَ الصَّحِيحَةِ بِالْمَرِيضَةِ وَلِأَنَّهُ لَمَّا اقْتُصَّ مِنَ الأُذُنِ السَّلِيمَةِ بِالْأُذُنِ الْمُسْتَحْشِفَةِ، وَالِاسْتِحْشَافُ شَلَلٌ، كَذَلِكَ شَلَلُ الْيَدِ، وَهَذَا خَطَأٌ، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} [الشورى: ٤٠] وَلَيْسَتِ الشَّلَّاءُ مِثْلًا لِسَلِيمَةٍ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ تُؤْخَذَ بِهَا، وَلِأَنَّ الْبَصِيرَ إِذَا قَلَعَ عَيْنًا قَائِمَةً لَا تُبْصِرُ لَمْ يُقْتَصَّ بِهَا مِنْ عَيْنِهِ الْمُبْصِرَةِ مَعَ وُجُودِ الْحَيَاةِ فِيمَا قَلَعَ، فَكُلُّ شَلَلِ الْيَدِ مَعَ هَذِهِ الْحَيَاةِ فِيهَا أَوْلَى أَنْ لَا يُقْتَصَّ مِنْهَا مِنْ يَدِ ذَاتِ حَيَاةٍ.

فَإِنْ قِيلَ: لَوْ كَانَتِ الشَّلَّاءُ مَيِّتَةً لَمَّا حَلَّ أَكْلُهَا مِنَ الحَيَوَانِ الْمُذَكَّى؟

قِيلَ: إِنَّمَا حَلَّ أَكْلُهَا لَحْمًا وَإِنْ كَانَتْ مَيِّتَةً؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ تَبَعًا لِمُذَكًّى كالجنين إذا

<<  <  ج: ص:  >  >>