للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدُهُمَا: يُؤْخَذُ مِنْهُ دِيَاتُ الْأَطْرَافِ وَإِنْ كَانَتْ أربعا فوق دية النفس [اعتبارا بحال الجناية كالقود.

والثاني: حكاه عن أبي إسحاق المروزي أَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ أَكْثَرُ مِنْ دِيَةِ النَّفْسِ] لِجَوَازِ السِّرَايَةِ إِلَيْهَا فَلَا يَجِبُ أَكْثَرُ مِنْهَا فَلَا يُؤْخَذُ مَا يَجُوزُ أَنْ يُسْتَرْجَعَ، فَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ قَدْ بَطَلَ أَصْلُ الْقِيَاسِ لِلتَّسْوِيَةِ بَيْنَ الدِّيَةِ وَالْقَوَدِ فِي اسْتِيفَائِهِمَا قَبْلَ الِانْدِمَالِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: وَهُوَ الصَّحِيحُ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ فِي جَمِيعِ كُتُبِهِ وَالْمَعْمُولُ عَلَيْهِ عِنْدَ سَائِرِ أَصْحَابِنَا إنَّهُ لَا يَجُوزُ أَخْذُ الدِّيَةِ قَبْلَ الِانْدِمَالِ وَإِنْ كَانَ الْقَوَدُ قَبْلَهُ.

وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا: أَنَّ الْقَوَدَ لَا يَسْقُطُ بِمَا حَدَثَ بَعْدَ الْجِنَايَةِ مِنِ انْدِمَالٍ أَوْ سِرَايَةٍ، فَجَازَ أَنْ يُسْتَوْفَى قَبْلَ اسْتِقْرَارِهَا، وِدِيَةُ الطَّرَفِ لَا تَسْتَقِرُّ إِلَّا بَعْدَ الِانْدِمَالِ، لِأَنَّهُ إِن قَطَعَ أصْبعا أَرْشُهَا عُشْرُ الدِّيَةِ فَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يُشَارِكَهُ فِي قَتْلِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مِائَةُ نَفْسٍ، فَلَا يَلْزَمُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الجَمَاعَةِ مِنَ الدِّيَةِ إِلَّا عُشْرُ عُشْرِهَا فَيَحْتَاجُ إِلَى أَنْ يَرُدَّ عَلَى قَاطِعِ الْأصْبع الزِّيَادَةَ عَلَيْهِ فَافْتَرَقَا.

فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَحْدُثَ فِي الْقَوَدِ مِثْلُهُ، لِأَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يُشْرِكَهُ قَبْلَ انْدِمَالِ الْأصْبع خَاطِئٌ فَتَسْرِي الْجِنَايَتَانِ إِلَى نَفْسِهِ فَيَسْقُطُ الْقَوَدُ عَلَى الْعَامِدِ. قِيلَ: إِنَّمَا يَسْقُطُ الْقَوَدُ عَنِ الْعَامِدِ فِي النَّفْسِ إِذَا شَارَكَهُ خَاطِئٌ بِخُرُوجِ النَّفْسِ بِعَمْدِهِ وَخَطَئِهِ، فَأَمَّا الطَّرَفُ الَّذِي تَفَرَّدَ الْعَامِدُ بِأَخْذِهِ فَلَا يَسْقُطُ الْقَوَدُ فِيهِ بِمُشَارَكَةِ الْخَاطِئِ لَهُ فِي النَّفْسِ، وَصَارَ الْقَوَدُ فِي الطَّرَفِ مَحْتُوم الِاسْتِحْقَاقِ.

وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِمْ: " إِنَّ هَذَا يُفْضِي عِنْدَ السِّرَايَتَيْنِ إلى السلف في القصاص فهو أن تقول: لَا تَخْلُو السِّرَايَتَانِ بَعْدَ الْجِنَايَةِ وَالْقِصَاصِ مِنْ أن تتقدم سِرَايَةُ الْجِنَايَةِ أَوْ سِرَايَةُ الْقِصَاصِ، فَإِنْ تَقَدَّمَتْ سراية الجناية على سراية القصاص [فقد استوفى بسراية القصاص ما وجب في سراية الجناية من القصاص، وإن تقدمت سراية القصاص على سراية الجناية فَفِيهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ مَحْكِيٌّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ أنها تكون قصاصاً وإن تقدمت على سراية الجناية] فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ سَلَفًا لِحُدُوثِهَا عَنْ قِصَاصٍ قَدِ اسْتُوفِيَ بَعْدَ اسْتِحْقَاقِهِ، وَالسَّلَفُ أَنْ يَقُولَ: اقْطَعْ يَدِي لِيَكُونَ قِصَاصًا مِنْ سِرَايَةِ الْجِنَايَةِ لتقدمها عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>