للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلا، لِأَنَّ الطَّرَفَ الزَّائِدَ مِنْ أَحَدِهِمَا مُتَيَامِنٌ وَمِنَ الْآخَرِ مُتَيَاسِرٌ فَلَا قِصَاصَ بَيْنَهُمَا، وَيُؤْخَذُ مِنَ القَاطِعِ دِيَةُ أَنْمُلَةٍ وَزِيَادَةُ حُكُومَةٍ فِي الطَّرَفِ الزائد.

[(مسألة)]

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلَوْ قَطَعَ أَنْمُلَ طَرَفٍ وَمِنْ آخَرَ الْوُسْطَى من أصبع واحد فَإِنْ جَاءَ الْأَوَّلُ قَبْلُ اقْتُصَّ لَهُ ثُمَّ الْوُسْطَى وَإِنْ جَاءَ صَاحِبُ الْوُسْطَى قِيلَ لَا قِصَاصَ لَكَ إِلَّا بَعْدَ الطَّرَفِ وَلَكَ الدِّيَةُ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: إِذَا ابْتَدَأَ فَقَطَعَ أَنْمُلَةً عُلْيَا من سباية رجل ثم قطع أنملة وسطى من سبابة آخر ليس لها عليا كان القصاص لصاحب العليا مستحقا في الحال، وقصاص صاحب الْوُسْطَى مُعْتبر بِصَاحِبِ الْعُلْيَا، فَإِنِ اقْتَصَّ صَاحِبُ الْعُلْيَا اقْتُصَّ بَعْدَهُ لِصَاحِبِ الْوُسْطَى، وَإِنْ طَالَبَ صَاحِبُ الْوُسْطَى بِالْقِصَاصِ قَبْلَ اقْتِصَاصِ صَاحِبِ الْعُلْيَا لَمْ يَخْلُ صَاحِبُ الْعُلْيَا مِنْ أَنْ يَكُونَ قَدْ عَفَا عَنِ الْقِصَاصِ أَوْ لَمْ يَعْفُ، فَإِنْ عَفَا سَقَطَ قِصَاصُ صَاحِبِ الْوُسْطَى، لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ أَنَمُلَتَيْنِ عُلْيَا وَوُسْطَى بِأَنْمُلَةٍ وَاحِدَةٍ وُسْطَى وَإِنْ لَمْ يَعْفُ صَاحِبُ الْعُلْيَا قِيلَ لِصَاحِبِ الْوُسْطَى: لَا قِصَاصَ لَكَ فِي الْحَالِ مَعَ بَقَاءِ الْعُلْيَا وَأَنْتَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ تَعْفُوَ عَنِ الْقِصَاصِ إِلَى الدِّيَةِ وَبَيْنَ أَنْ تَنْتَظِرَ بِهَا قِصَاصَ صَاحِبِ الْعُلْيَا.

فَإِنْ قِيلَ: إِذَا كَانَ غَيْرَ مُسْتَحِقٍّ لِلْقِصَاصِ فِي الْحَالِ فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَسْتَحِقَّهُ فِي ثَانِي حَالٍ، وَهَلَّا كَانَ بِاخْتِلَافِ الْحَالَيْنِ كَالْحُرِّ إِذَا قَطَعَ يَدَ عَبْدٍ لَمَّا سَقَطَ الْقِصَاصُ عَنْهُ فِي الْحَالِ لَمْ يُنْتَظَرْ بِهَا عِتْقُ الْعَبْدِ مِنْ بَعْدُ حَتَّى يُقْتَصَّ مِنْهُ قِيلَ: الْقِصَاصُ فِي الْوُسْطَى قَدْ وَجَبَ بَعْدَ قَطْعِ الْعُلْيَا وَإِنَّمَا أُخِّرَ اسْتِيفَاؤُهُ لِأَجْلِ صَاحِبِ الْعُلْيَا، وَمَا أُخِّرَ اسْتِيفَاؤُهُ مِنَ القِصَاصِ لِسَبَبٍ لَمْ يُوجِبْ تَأْخِيرُهُ بُطْلَانَهُ كَتَأْخِيرِ الِاقْتِصَاصِ مِنَ الحَامِلِ حَتَّى تَضَعَ، وَخَالَفَ قَطْعَ الْحُرِّ الْعَبْدَ، لِأَنَّ الْقِصَاصَ لَهُ يَجِبُ فَافْتَرَقَا، فَإِنْ بَادَرَ صَاحِبُ الْوُسْطَى فَاقْتُصَّ مِنَ القَاطِعِ فَقَدْ تَعَدَّى بِأَخْذِ العليا مع الوسطى إذا لَا قَوَدَ لَهُ عَلَيْهِ فِيهَا لِعَدَمِ مَحَلِّهَا مِنْهُ، وَعَلَيْهِ دِيَتُهَا لِلْقَاطِعِ، وَيَرْجِعُ صَاحِبُ الْعُلْيَا بِدِيَتِهَا عَلَى الْقَاطِعِ.

(فَصْلٌ)

وَلَوِ ابْتَدَأَ الْجَانِي فَقَطَعَ الْأَنْمُلَةَ الْوُسْطَى مِنْ سَبَّابَةِ رَجُلٍ لَيْسَ لَهُ عُلْيَا، ثُمَّ قَطَعَ الْعُلْيَا مِنْ سَبَّابَةِ آخَرَ فَلَا قِصَاصَ لِصَاحِبِ الْوُسْطَى، سَوَاءٌ اقْتَصَّ صَاحِبُ الْعُلْيَا أَوْ لَمْ يَقْتَصَّ، لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَحِقَّ الْقِصَاصَ فِي الْحَالِ فَلَمْ تَسْتَحِقَّهُ فِي ثَانِي حَالٍ كَالْعَبْدِ إِذَا أُعْتِقَ، وَكَمَا لَوْ قَطَعَ أُصْبُعا شَلَّاءَ ثُمَّ شُلَّتْ أُصْبُع الْقَاطِعِ بَعْدَ الْجِنَايَةِ لَمْ يُقْتَصَّ مِنْهَا، وَحَكَى ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي السَّلِيمَةِ إِذَا شُلَّتْ وَجْهًا ثَانِيًا إنَّهُ يُقْتَصُّ مِنْهَا وَلَا وَجْهَ لَهُ اعتباراً

<<  <  ج: ص:  >  >>