للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِهِ غَيْرُ النَّابِ، فَإِذَا سَقَطَ الْقِصَاصُ فِي الشَّاغِبَةِ فَعَلَيْهِ فِيهَا حُكُومَةٌ لَا يَبْلُغُ بِهَا دِيَةَ سِنٍّ غَيْرِ شَاغِبَةٍ لِنَقْصِ الْأَعْضَاءِ الزَّائِدَةِ عَنْ أَعْضَاءِ الْخِلْقَةِ الْمَعْهُودَةِ، وَإِنْ كَانَ لِلْجَانِي سِنٌّ زَائِدَةٌ لَمْ يَخْلُ مِنْ أَنْ تَكُونَ فِي مِثْلِ مَحَلِّهَا مِنَ المَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَوْ غَيْرِ مَحَلِّهَا، فَإِنْ كَانَتْ فِي غَيْرِ مَحَلِّهَا مِنْهُ مِثْلَ أَنْ تَكُونَ الزَّائِدَةُ مِنَ الجَانِي مَعَ الْأَسْنَانِ الْعُلْيَا وَمِنَ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مَعَ الْأَسْنَانِ السُّفْلَى أَوْ تَكُونَ مِنَ الجَانِي يُمْنَى وَمِنَ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ يُسْرَى، أَوْ تَكُونَ مِنَ الجَانِي مُقْتَرِنَةً بِالنَّابِ وَمِنَ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مُقْتَرِنَةً بِالثَّنِيَّةِ فَلَا قِصَاصَ فِيهَا، لِأَنَّ اخْتِلَافَ مَحَلِّهِمَا يمنع من تماثلهما فإن كانت من الجاني في مثل محلها من المجني عليه ففيها القصاص، لثماثلهما فِي الْمَحَلِّ، وَسَوَاءٌ اتَّفَقَا فِي الْقَدْرِ وَالْمَنْفَعَةِ أَوْ تَفَاضَلَا، لِتَسَاوِيهِمَا فِي الِاسْمِ الْخَاصِّ كَمَا قلناه فيما كان من أصل الخلقة المعهودة.

[(مسألة)]

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَمَنِ اقْتَصَّ حَقَّهُ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ عُزِّرَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ".

[قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ لَيْسَ لِمُسْتَحِقِّ الْقِصَاصِ أَنْ يَنْفَرِدَ بِاسْتِيفَائِهِ مِنْ غَيْرِ إِذْنِ السُّلْطَانِ، سَوَاءٌ كَانَ فِي نَفْسٍ أَوْ طَرَفٍ ثَبَتَ ذَلِكَ عِنْدَ سُلْطَانٍ أَوْ لَمْ يَثْبُتْ لِأَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: إنَّ فِي الْقِصَاصِ مَا اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي اسْتِيفَائِهِ فَلَمْ يُتَيَقَّنْ فِيهِ الْحُكْمُ بِاجْتِهَادِ الْوُلَاةِ.

وَالثَّانِي: إنَّهُ مَوْجُودٌ فِي تَعْدِيَتِهِ فِي الِاقْتِصَاصِ مِنْهُ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ الْقِصَاصُ إِلَّا بِحُضُورِ مَنْ يَزْجُرُهُ عَنِ التَّعَدِّي، فَإِنْ تَفَرَّدَ بِاسْتِيفَائِهِ فَقَدْ وَصَلَ إِلَى حَقِّهِ وَيُعَزَّرُ عَلَى افْتِيَاتِهِ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إِذَا كَانَ مَا اسْتَوْفَاهُ مِنَ القِصَاصِ ثَابِتًا فَإِنِ ادَّعَاهُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ لَمْ تُقْبَلْ دَعْوَاهُ وَصَارَ جَانِيًا، فَيُؤْخَذُ بِمَا جَنَاهُ مِنْ قِصَاصٍ أَوْ دِيَةٍ، وَلَا تَكُونُ دَعْوَاهُ شُبْهَةً فِي سُقُوطِ الْقِصَاصِ عَنْهُ، لِأَنَّ سَعْدًا قَالَ للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَرَأَيْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ وَجَدْتُ مَعَ امْرَأَتِي رَجُلًا أَقْتُلُهُ؟ قَالَ: " لَا، حَتَّى تَأْتِيَ بِأَرْبَعَةٍ مِنَ الشُّهَدَاءِ، كَفَى بِالسَّيْفِ شَا " يَعْنِي: شَاهِدًا عَلَيْكَ بِالْقَتْلِ، وَقَالَ مَنْصُورُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ (التَّمِيمِيُّ الْمِصْرِيُّ) مِنْ أَصْحَابِنَا، لَا يُعَزَّرُ الْوَلِيُّ إِذَا اسْتَوْفَاهُ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ؛ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى حَقَّهُ فَلَا يُمْنَعُ مِنْهُ كَاسْتِرْجَاعِ الْمَغْصُوبِ وَهَذَا فَاسِدٌ بما قدمناه من الأمرين] .

<<  <  ج: ص:  >  >>