للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَجَبَ عَلَيْهَا الْقِصَاصُ إِنْ أَمْكَنَ، وَقَالَ الْمُزَنِيُّ: لَا قِصَاصَ مَعَ الْمُكْنَةِ، لِأَنَّهُ قَطْعُ لَحْمٍ مِنْ لَحْمٍ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا فِي الْخِلْقَةِ يَجْرِي عَلَيْهِمَا حُكْمُ الْمَفْصِلِ فِي الْقِصَاصِ، وَسَوَاءٌ قُطِعَا مِنْ بِكْرٍ أَوْ ثَيِّبٍ، صَغِيرَةٍ أَوْ كَبِيرَةٍ، يُطَاقُ جِمَاعُهَا أَوْ لَا يُطَاقُ، مِنْ رَتْقٍ أَوْ قَرْنٍ، لِأَنَّ الرَّتْقَ وَالْقَرَنَ عَيْبٌ فِي الْفَرْجِ مَعَ سَلَامَةِ الْإِسْكَتَيْنِ فَجَرَيَا في كمال الدية مجرى شفتي الأخرس وأدنى الْأَصَمِّ وَأَنْفِ الْأَخْشَمِ، وَلَوْ ضَرَبَ إِسْكَتَيْهَا فَشُلَّا كَمُلَتْ دِيَتُهَا وَلَا قِصَاصَ فِيهِمَا كَالْيَدِ إِذَا شُلَّتْ، وَهُوَ بِخِلَافِ الْأُذُنِ إِذَا اسْتَحْشَفَتْ فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ، لِأَنَّ شَلَلَهُمَا قَدْ أَذْهَبَ مِنْ مَنَافِعِهِمَا مَا لَمْ يُذْهِبِ اسْتِحْشَافُ الْأُذُنِ، وَلَوْ قَطَعَ إِحْدَى الْإِسْكَتَيْنِ كَانَ فِيهِ نِصْفُ الدِّيَةِ كَمَا لَوْ قَطَعَ إِحْدَى الشَّفَتَيْنِ.

فَأَمَّا الرَّكَبُ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْعَانَةِ مِنَ الرَّجُلِ، وَفِي قَطْعِهِ مِنَ الْمَرْأَةِ حُكُومَةٌ لَا يَبْلُغُ بِهِمَا الدِّيَةَ، فَإِنْ قَطَعَهُ مَعَ الشَّفْرَيْنِ فَعَلَيْهِ دِيَةٌ فِي الشَّفْرَيْنِ وَحُكُومَةٌ فِي الرَّكَبِ، وَالْمَخْفُوضَةُ وَغَيْرُهَا سَوَاءٌ، وَالْخَفْضُ قَطْعُ جِلْدَةٍ نَابِتَةٍ فِي أَعْلَى الْفَرَجِ مِثْلِ عُرْفِ الدِّيكِ وَهِيَ الَّتِي وَرَدَ الشَّرْعُ بِأَخْذِهَا مِنَ النِّسَاءِ كَالْخِتَانِ فِي الرِّجَالِ، وَلَا شَيْءَ فِيهَا إِنْ قُطِعَتْ بِجِنَايَةٍ مِنْ دِيَةٍ وَلَا حُكُومَةٍ لِوُرُودِ الشَّرْعِ بِأَخْذِهَا تَعَبُّدًا، وَإِنْ كَانَ يَأْخُذُهَا مُتَعَدِّيًا إِلَّا أَنْ تَسْرِي فَيَضْمَنُ أرش سرايتها لتعديه.

[(مسألة)]

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلَوْ أَفْضَى ثَيِّبًا كَانَ عَلَيْهِ دِيَتُهَا وَمَهْرُ مِثْلِهَا بِوَطْئِهِ إِيَّاهَا ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَمَّا إِفْضَاءُ الْمَرْأَةِ فَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِيهِ فَذَهَبَ أَبُو عَلِيِّ بْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَجُمْهُورُ الْمِصْرِيِّينَ إِلَى أَنَّهُ هَتْكُ الْحَاجِزِ الَّذِي بَيْنَ سَبِيلِ الْفَرْجَيْنِ الْقَبُلِ وَالدُّبُرِ، وَذَهَبَ أَبُو حَامِدٍ الْإِسْفَرَايِينِيُّ وَجُمْهُورُ الْبَغْدَادِيِّينَ إِلَى أَنَّهُ هَتْكُ الْحَاجِزِ الَّذِي فِي الْفَرْجِ بَيْنَ مَدْخَلِ الذَّكَرِ وَمَخْرَجِ الْبَوْلِ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ، لِأَنَّ خَرْقَ الْحَاجِزِ الَّذِي فِي الْقُبُلِ بَيْنَ مَدْخَلِ الذَّكَرِ وَمَخْرَجِ الْبَوْلِ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ، لِأَنَّ خَرْقَ الْحَاجِزِ الَّذِي فِي الْقُبُلِ بَيْنَ مَدْخَلِ الذَّكَرِ وَمَخْرَجِ الْبَوْلِ هُوَ اسْتِهْلَاكٌ لِبَعْضِ مَنَافِعِهِ وَلَيْسَ فِي أَعْضَاءِ الْجَسَدِ مَا تَكْمُلُ الدِّيَةُ فِي بَعْضِ مَنَافِعِهِ، وَإِذَا خَرَقَ مَا بَيْنَ السَّبِيلَيْنِ كَانَ اسْتِهْلَاكًا لِجَمِيعِ الْمَنَافِعِ فَكَانَ بِكَمَالِ الدِّيَةِ أَحَقَّ.

فَإِنْ قِيلَ بِهَذَا إِنَّهُ خَرَقَ مَا بَيْنَ السَّبِيلَيْنِ كَانَ عَلَى خَرْقِ الْحَاجِزِ الَّذِي فِي الْقُبُلِ حُكُومَةٌ.

وَإِنْ قِيلَ: إِنَّهُ خَرْقُ حَاجِزِ الْقُبُلِ كَانَ خَرْقُ مَا بَيْنَ السَّبِيلَيْنِ أَوْلَى بِوُجُوبِ الدِّيَةِ، فَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فَالْإِفْضَاءُ مَضْمُونٌ بِالدِّيَةِ الْكَامِلَةِ وَإِنْ كَانَ الْبَوْلُ مَعَهُ مُسْتَمْسِكًا، فَإِنِ اسْتَرْسَلَ الْبَوْلُ وَلَمْ يَسْتَمْسِكْ وَجَبَ مَعَ دِيَةِ الْإِفْضَاءِ حُكُومَةٌ فِي اسْتِرْسَالِ الْبَوْلِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>