للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَيْءٌ مِنْ دِيَةِ الْجَنِينِ، وَكَانَ عَلَى عَاقِلَةِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا نِصْفُ دِيَةِ جَنِينِهَا، وَنِصْفُ دِيَةِ جَنِينِ صَاحِبَتِهَا، لِأَنَّ جَنِينَهَا تَلِفَ بِصَدْمَتِهَا وَصَدْمَةِ الْأُخْرَى، وَجَنِينَهَا مَضْمُونٌ عَلَيْهَا بِالْجِنَايَةِ لَوِ انْفَرَدَتْ بِاسْتِهْلَاكِهِ، فَكَذَلِكَ تَضْمَنُهُ إِذَا شَارَكَتْ فِيهِ غَيْرَهَا، وَلَا قِصَاصَ هَاهُنَا فِي الدِّيَتَيْنِ بِحَالٍ وَإِنْ كَانَا وَرَثَةَ الْجَنِينَ، لِأَنَّ مَنْ وَجَبَتْ لَهُ غَيْرُ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ.

(فَصْلٌ)

وَإِنْ كَانَ الْمُصْطَدِمَانِ عَبْدَيْنِ فَمَاتَا صَارَ دَمُهُمَا هَدَرًا، وَسَقَطَتْ قِيمَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سَقَطَتْ نِصْفُ قِيمَتِهِ بِصَدْمَتِهِ وَوَجَبَ نِصْفُهَا فِي رَقَبَةِ الْآخَرِ لِصَدْمَتِهِ، وَسَوَاءٌ مَاتَا مَعًا، أَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الْآخَرِ إِذَا لَمْ يُمْكِنْ بَيْعُ الْمُتَأَخِّرِ مِنْهُمَا قَبْلَ مَوْتِهِ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُ الْمُصْطَدِمَيْنِ حُرًّا، وَالْآخَرُ عَبْدًا لَمْ يَنْهَدِرْ مِنْ دَمِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِلَّا النِّصْفُ الْمُخْتَصُّ بِفِعْلِهِ، لِأَنَّ الْعَبْدَ إِذَا مَاتَ وَجَبَ عَلَى الْحُرِّ نِصْفُ قِيمَتِهِ، فَانْتَقَلَ الْعَبْدُ بَعْدَ مَوْتِهِ إِلَى نِصْفِ قِيمَتِهِ فَلَمْ يَبْطُلْ مَحَلُّ جِنَايَتِهِ فَوَجَبَ فِيهِ نِصْفُ دِيَةِ الْحُرِّ، وَأَنْ تَكُونَ نِصْفُ قِيمَةِ الْعَبْدِ عَلَى قَوْلَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: فِي مَالِ الْجَانِي.

وَالثَّانِي: عَلَى عَاقِلَتِهِ.

فَإِنْ قِيلَ: إِنَّ نِصْفَ قِيمَةِ الْعَبْدِ فِي مَالِ الْجَانِي لَا تَتَحَمَّلُهُ عَاقِلَتُهُ فَقَدْ وَجَبَ فِي مَالِ الْحُرِّ نِصْفُ قِيمَةِ الْعَبْدِ، وَوَجَبَ نِصْفُ دِيَةِ الْحُرِّ فِي الْمُسْتَحَقِّ مِنْ نِصْفِ قِيمَةِ الْعَبْدِ فَصَارَ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ نِصْفُ الْقِيمَةِ هُوَ الَّذِي وَجَبَ لَهُ نِصْفُ الدِّيَةِ فَيَكُونُ ذَلِكَ قِصَاصًا، وَلَا يَخْلُو ذَلِكَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَتَسَاوَى نِصْفُ قِيمَةِ الْعَبْدِ وَنِصْفُ دِيَةِ الْحُرِّ فَيَقَعُ الْوَفَاءُ بِالْقِصَاصِ.

وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ نِصْفُ قِيمَةِ الْعَبْدِ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ دِيَةِ الْحُرِّ، فَيَرْجِعُ سَيِّدُ الْعَبْدِ فِي تَرِكَةِ الْحُرِّ بِالْفَاضِلِ مِنْ نِصْفِ قِيمَةِ عَبْدِهِ.

وَالثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ نِصْفُ دِيَةِ الْحُرِّ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ قِيمَةِ الْعَبْدِ، فَيَكُونُ الْفَاضِلُ مِنْ نِصْفِ الدِّيَةِ هَدَرًا لِبُطْلَانِ مَحَلِّهِ.

وَإِنْ قِيلَ: إِنَّ نِصْفَ قِيمَةِ الْعَبْدِ عَلَى عَاقِلَةِ الْحُرِّ فَإِنْ كَانَ عَاقِلَةُ الْحُرِّ هُمْ وَرَثَتُهُ فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِمْ نِصْفُ قِيمَةِ الْعَبْدِ وَوَجَبَ لَهُمْ نِصْفُ دِيَةِ الْحُرِّ، فَيَكُونُ ذَلِكَ قِصَاصًا، فَإِنْ فَضَلَ لِلسَّيِّدِ مِنْ نِصْفِ قِيمَةِ الْعَبْدِ فَضْلٌ أَخَذَهُ مِنَ الْعَاقِلَةِ، وَإِنْ فَضَلَ مِنْ نِصْفِ الدِّيَةِ فَضْلٌ كَانَ هَدَرًا، وَإِنْ لم يكن العاقلة ورثة الحر وكان وَرَثَةَ غَيْرِهِمْ وَجَبَ عَلَى الْعَاقِلَةِ لِسَيِّدِ الْعَبْدِ نِصْفُ قِيمَتِهِ، وَوَجَبَ لِوَرَثَةِ الْحُرِّ فِي الْمُسْتَوْفَى مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ نِصْفُ دِيَتِهِ، وَلَا يَكُونُ قِصَاصًا، لِأَنَّ مَنْ وَجَبَ لَهُ غَيْرُ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ، فَإِنِ اسْتَوَى نِصْفُ قِيمَةِ الْعَبْدِ وَنِصْفُ دِيَةِ الْحُرِّ فَفِي كَيْفِيَّةِ الْقَبْضِ وَالْأَدَاءِ وجهان محتملان:

<<  <  ج: ص:  >  >>