للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدُهُمَا: يَسْتَوْفِي سَيِّدُ الْعَبْدِ عَنْ عَاقِلَةِ الْحُرِّ نِصْفَ الْقِيمَةِ وَيُؤَدِّيهِ إِلَى وَرَثَةِ الْحُرِّ فِي نِصْفِ الدِّيَةِ لِيَقْبِضَهَا بِحَقِّ مِلْكِهِ وَيَدْفَعَهَا بِحَقِّ الْتِزَامِهِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ يَنْتَقِلَ الْحَقُّ إِلَى وَرَثَةِ الْحُرِّ، وَلَيْسَ لِسَيِّدِ الْعَبْدِ أَنْ يَقْبِضَهُ، لِأَنَّهُ مُسْتَحَقٌّ، وَرُبَّمَا تَلِفَ بَيْنَ قَبْضِهِ وَإِقْبَاضِهِ فَتَلِفَ عَلَى مُسْتَحَقِّهِ، فَصَارَ مَا اسْتَحَقَّهُ السَّيِّدُ مِنْ نِصْفِ الْقِيمَةِ مُنْتَقِلًا إِلَى وَرَثَةِ الْحُرِّ بِمَا اسْتَحَقُّوهُ مِنْ نِصْفِ الدِّيَةِ وَإِنْ كَانَ نِصْفُ قِيمَةِ الْعَبْدِ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ الدِّيَةِ أَخَذَ سَيِّدُهُ الْفَاضِلَ مِنْ نِصْفِ قِيمَتِهِ بَعْدَ أَنْ يَسْتَوْفِيَ وَرَثَةُ الْحُرِّ نِصْفَ دِيَتِهِ، وَإِنْ كَانَ نِصْفُ الدِّيَةِ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ قِيمَةِ الْعَبْدِ كَانَ الْفَاضِلُ وَنِصْفُ الدِّيَةِ هَدَرًا، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.

(فَصْلٌ)

إِذَا جَذَبَ رَجُلَانِ ثَوْبًا بَيْنَهُمَا فَتَخَرَّقَ، فَإِنْ كَانَ الثَّوْبُ لَهُمَا فَعَلَى كُلِّ واحد منهما لصحابه رُبُعُ أَرْشِ خَرْقِهِ، لِأَنَّهُ يَمْلِكُ نِصْفَ الثَّوْبِ، وَخَرَقَهُ بِفِعْلِهِ وَفِعْلِ شَرِيكِهِ مُسْقِطًا مَا قَابَلَ فِعْلَهُ، وَوَجَبَ لَهُ مَا قَابَلَ فِعْلَ شَرِيكِهِ فيتقاضان ذَلِكَ، لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَجِبُ عَلَيْهِ مِثْلُ مَا يَجِبُ لَهُ، وَإِنْ كَانَ الثَّوْبُ لِأَحَدِهِمَا كَانَ نِصْفُ أَرْشِهِ هَدَرًا، لِأَنَّهُ مُقَابِلٌ لِفِعْلِ مَالِكِهِ، وَنِصْفُ الْأَرْشِ عَلَى الَّذِي لَا مِلْكَ لَهُ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ الثَّوْبُ لِغَيْرِهِمَا كَانَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُ أَرْشِهِ لمالكه.

[(فصل)]

وإذا اصطدم رجلان بإنائين فِيهِمَا طَعَامٌ فَانْكَسَرَ الْإِنَاءَانِ وَاخْتَلَطَ الطَّعَامَانِ ضَمِنَ كل واحد منهما لصاحبه نصف قيمة إناثه، وَكَانَ نِصْفُهُ الْبَاقِي هَدَرًا، وَأَمَّا الطَّعَامَانِ فَضَرْبَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يُمْكِنَ تَمْيِيزُ أَحَدِهِمَا عَنِ الْآخَرِ بَعْدَ اخْتِلَاطِهِ كَالسَّوِيقِ وَالسُّكَّرِ الصَّحِيحِ، فَيُمَيِّزُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا طَعَامَهُ مِنْ طَعَامِ صَاحِبِهِ، فَإِنِ احْتَاجَ تَمْيِيزُهُمَا إِلَى أُجْرَةِ صَانِعٍ كَانَتْ بَيْنَهُمَا، فَإِنْ كَانَ لِتَمْيِيزِهِمَا بَعْدَ اخْتِلَاطِهِمَا نُقْصَانٌ فِي قِيمَتِهِمَا رَجَعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ بِنِصْفِ أَرْشِ نُقْصَانِ طَعَامِهِ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ لَا يُمْكِنَ تَمْيِيزُهُمَا بَعْدَ اخْتِلَاطِهِمَا كَالسَّوِيقِ وَالْعَسَلِ، فَيُقَوَّمُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الطَّعَامَيْنِ عَلَى انْفِرَادِهِ، ثُمَّ يُقَوَّمَانِ بَعْدَ الِاخْتِلَاطِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمَا نُقْصَانٌ فَلَا غُرْمَ وَصَارَا شَرِيكَيْنِ فِيهِ بِتَقْدِيرِ الثَّمَنَيْنِ، كَأَنَّ قِيمَةَ السَّوِيقِ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ وَقِيمَةَ الْعَسَلِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ فَيَكُونُ صَاحِبُ السَّوِيقِ شَرِيكًا فِيهِ بِالثُّلُثِ، وَصَاحِبُ الْعَسَلِ شَرِيكًا فِيهِ بِالثُّلُثَيْنِ، فَإِنْ بَاعَاهُ اقْتَسَمَا ثَمَنَهُ عَلَى قَدْرِ شركتهما، وإن أراد قَسْمَهُ بَيْنَهُمَا جَبْرًا لَمْ يَجُزْ، لِأَنَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُعَاوِضٌ عَنْ سَوِيقٍ بِعَسَلٍ، وَذَلِكَ بيع لا يدخله الإجبار وإن أراد قِسْمَةً عَنْ تَرَاضٍ فَفِي جَوَازِهِ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ إِذَا قِيلَ: إِنَّ الْقِسْمَةَ بَيْعٌ بِدُخُولِ التَّفَاضُلِ فِيهِ، وَإِنَ نَقَصَ

<<  <  ج: ص:  >  >>