للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ، فَأَمَرَ بِلَالًا فَأَقَامَ الظُّهْرَ، ثُمَّ أَقَامَ الْعَصْرَ، ثُمَّ أَقَامَ لِلْمَغْرِبِ، ثُمَّ أَقَامَ لِلْعِشَاءِ فَرَتَّبَ قَضَاءَ مَا فَاتَهُ فَاقْتَضَى أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لَازِمًا لِأَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ بَيَانُ مَا وَرَدَ مُجْمَلًا فِي الْكِتَابِ مِنْ قَوْله تعالى: {وأقيموا الصلاة}

والثاني: لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " صلوا كما رأيتموني أصلي "

وَاحْتَجَّ أَيْضًا بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا صَلَاةَ لِمَنْ عَلَيْهِ صَلَاةٌ " فَاقْتَضَى بُطْلَانَ صَلَاتِهِ وَقَضَاءَ مَا فَاتَهُ، قَالَ: وَلِأَنَّهُمَا صَلَاتَا فَرْضٍ يَفْعَلَانِ عَلَى وَجْهِ التَّكْرَارِ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا في وقت إحديهما فَوَجَبَ أَنْ يَسْتَحِقَّ التَّرْتِيبَ فِيهِمَا كَالظُّهْرِ، وَالْعَصْرِ بِعَرَفَةَ، وَلَا يَدْخُلُ عَلَى هَذَا التَّعْلِيلِ إِذَا ضَاقَ وَقْتُ [الَّتِي فِيهَا] لِأَنَّهُ غَيْرُ جَامِعٍ بَيْنَهُمَا قَالَ: وَلِأَنَّ التَّرْتِيبَ يَلْزَمُ فِي الصَّلَاةِ مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: فِي الْفِعْلِ

وَالثَّانِي: فِي الزمان فلم لَمْ يَسْقُطْ تَرْتِيبُ الْأَفْعَالِ فِي الْفَوَاتِ لَمْ يَجُزْ تَقْدِيمُ رُكْنٍ عَلَى رُكْنٍ لَمْ يَسْقُطْ تَرْتِيبُ الزَّمَانِ فِيهِمَا، وَلَمْ يَجُزْ تَقْدِيمُ عَصْرٍ عَلَى ظُهْرٍ

وَاحْتَجَّ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ بِرِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " مَنْ ذَكَرَ صَلَاةً وَهُوَ فِي أُخْرَى فَلْيُتِمَّ الَّتِي هُوَ فِيهَا وَلْيُصَلِّ الَّتِي ذَكَرَ ثُمَّ يُعِيدُ الَّتِي صَلَّاهَا "

وَالدَّلِيلُ عَلَى جَمِيعِهِمْ قَوْله تَعَالَى: {أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ} [الإسراء: ٧٨] فَكَانَ الظَّاهِرُ يَقْتَضِي جَوَازَ فعل ما يقضي ويؤدي ما فَائِتَةٍ، وَمُؤَقَّتَةٍ بِلَا اشْتِرَاطِ تَرْتِيبٍ وَلَا اسْتِثْنَاءٍ

وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ: " إِنَّ الشَّيْطَانَ يَأْتِي أَحَدَكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَيَنْفُخُ بَيْنَ إِلْيَتَيْهِ فَلَا يَنْصَرِفْ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا " فَأَمَرَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِإِتْمَامِهَا أَمْرًا عَامًّا فِي كُلِّ حَالٍ إِلَّا فِي الْحَالَتَيْنِ اللَّتَيْنِ اسْتَثْنَاهُمَا

وَرُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نَامَ عَنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ بِالْوَادِي حَتَّى خَرَجَ وَقْتُهَا فَأَمَرَ بِلَالًا بِالْأَذَانِ ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ، ثُمَّ أَمَرَهُ بِالْإِقَامَةِ، ثُمَّ صَلَّى الصُّبْحَ فَلَمَّا قَدَّمَ صَلَاةَ التَّطَوُّعِ عَلَى صَلَاةِ الْفَرْضِ بَعْدَ خُرُوجِ وَقْتِهَا كَانَ تَقْدِيمُ الْفَرْضِ عَلَى الْفَرْضِ أَوْلَى بِالْجَوَازِ

وَرَوَى مَكْحُوِلٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " مَنْ ذَكَرَ صَلَاةً وَهُوَ فِي أُخْرَى أَتَمَّهَا ثُمَّ قَضَى الْفَائِتَةَ "

وَهَذَا نَصٌّ فِيمَا اخْتَلَفْنَا فِيهِ، وَلِأَنَّهُ تَرْتِيبٌ لَا يَسْتَحِقُّ مَعَ النِّسْيَانِ فَوَجَبَ أَنْ لَا يَسْتَحِقَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>