للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ اسْتِدْلَالِهِمْ بِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يُعْتَبَرْ بِأَبِيهِ لَمْ يُعْتَبَرْ بِأُمِّهِ فَهُوَ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ فِي الْمِلْكِ تَابِعًا لِأُمِّهِ دُونَ أَبِيهِ وَجَبَ فِي التَّقْوِيمِ أَنْ يَكُونَ تَابِعًا لَهَا دُونَهُ.

وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ افْتِرَاقِ الْأُنْثَى وَالذَّكَرِ فِي الْحَيِّ فَهُوَ زَوَالُ الِاشْتِبَاهِ فِي الْحَيَاةِ أَوْقَعَ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا، بِوُقُوعِ الِاشْتِبَاهِ فِي الْمَوْتِ أَوْجَبَ التَّسْوِيَةَ بَيْنَهُمَا كَالْحُرِّ، وَهُوَ الْجَوَابُ عَنْ وُقُوعِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا فِي الْوَارِثِ دُونَ الْمَوْرُوثِ.

(فَصْلٌ)

فَأَمَّا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فَإِنَّهُ اسْتَدَلَّ لِنُصْرَةِ مَذْهَبِهِ وَإِبْطَالِ مَذْهَبِ مُخَالِفِهِ بِأَنَّ اعْتِبَارَهُ بِغَيْرِهِ يُفْضِي إِلَى تَفْضِيلِ الْمَيِّتِ عَلَى الْحَيِّ، لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ قِيمَةُ أُمِّهِ أَلْفَ دِينَارٍ عُشْرُهَا مِائَةُ دِينَارٍ، وَقِيمَتُهُ فِي حَيَاتِهِ دِينَار وَاحِد، فَيَجِبُ فِيهِ مَيِّتًا مِائَةُ دِينَارٍ، وَيَجِبُ فِيهِ حَيًّا دِينَارٌ وَاحِدٌ، وَمَا أَفْضَى إِلَى هَذَا كَانَ بَاطِلًا، لِأَنَّ الْحَيَّ مُفَضَّلٌ عَلَى الْمَيِّتِ كَالْحُرِّ فَيُقَالُ لَهُ وَقَوْلُكُمْ مُفْضٍ إِلَى مُخَالَفَةِ الْأُصُولِ مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّكُمْ فَضَّلْتُمِ الْأُنْثَى عَلَى الذَّكَرِ لِأَنَّكُمْ أَوْجَبْتُمْ فِي الْأُنْثَى عُشْرَ قِيمَتِهَا وَفِي الذَّكَرِ نِصْفُ عُشْرِ قِيمَتِهِ، وَالْأُصُولُ تُوجِبُ تَفْضِيلَ الذَّكَرِ عَلَى الْأُنْثَى.

وَالثَّانِي: أَنَّكُمْ أَوْجَبْتُمْ فِيمَنْ كَثُرَتْ قِيمَتُهُ أَقَلَّ مِمَّا أَوْجَبْتُمُوهُ فِيمَنْ قَلَّتْ قِيمَتُهُ فَقُلْتُمْ فِي الذَّكَرِ إِذَا كَانَ قِيمَتُهُ خَمْسِينَ دِينَارًا فِيهِ نِصْفُ عُشْرِهَا دِينَارَانِ وَنِصْفٌ، وَفِي الْأُنْثَى إِذَا كَانَتْ قِيمَتُهَا أَرْبَعِينَ دِينَارًا فِيهَا عُشْرٌ أَرْبَعَةُ دَنَانِيرَ، وَالْأُصُولُ تُوجِبُ زِيَادَةَ الْغُرْمِ عِنْدَ زِيَادَةِ الْقِيمَةِ فَلَمْ تُنْكِرْ عَلَى نَفْسِهَا وَعَلَى أَصْحَابِكَ مُخَالَفَةَ أُصُولِ الشَّرْعِ مِنْ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ وَعَدَلْتَ إِلَى إِنْكَارِ مَا لَا تَمْنَعُ مِنْهُ أُصُولُ الشَّرْعِ عَنْهُ اخْتِلَافَ الْجِهَاتِ عِنْدَنَا وَعِنْدَكُمْ فَقُلْنَا وَقُلْتُمْ مَعَ اتِّفَاقِنَا وَإِيَّاكُمْ عَلَى تَفْضِيلِ الْحُرِّ عَلَى الْعَبْدِ: إِنَّ الْغَاصِبَ لَوْ مَاتَ فِي يَدِ الْعَبْدِ الْمَغْصُوبِ وَجَبَتْ فِيهِ قِيمَتُهُ وَإِنْ زَادَ عَلَى دِيَةِ الْحُرِّ وَإِنْ كَانَ أَنْقَصَ حَالًا مِنَ الْحَرِّ، ثُمَّ قُلْتُمْ وَحُكْمُ الْقَتْلِ أَغْلَظُ إنَّهُ لَوْ قَتَلَهُ نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ عَنْ دِيَةِ الْحُرِّ فَأَوْجَبْتُمْ فِيهِ غَيْرَ مَقْتُولٍ أَكْثَرَ مِمَّا أَوْجَبْتُمْ فِيهِ مَقْتُولًا وَلَمْ تُنْكِرُوا مِثْلَ هَذَا عِنْدَ اخْتِلَافِ الْجِهَتَيْنِ كَذَلِكَ لَا يُمْنَعُ مِثْلُهُ فِي الْجَنِينِ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْجِهَتَيْنِ.

(فَصْلٌ)

فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ فِي جَنِينِ الْأَمَةِ عُشْرُ قِيمَةِ أُمِّهِ فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِقِيمَتِهَا يَوْمَ ضَرَبَهَا لَا يَوْمَ إِسْقَاطِهِ وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ أَصْحَابِهِ.

وَقَالَ الْمُزَنِيُّ: تُعْتَبَرُ قِيمَتُهَا يَوْمَ إِسْقَاطِهِ وَبِهِ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْإِصْطَخْرِيُّ احْتِجَاجًا بِأَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ احْتِجَاجُ الْمُزَنِيِّ أَنَّهُ لَوْ ضَرَبَهَا ثُمَّ أُعْتِقَتْ وَأَلْقَتْ مِنْ ضَرْبِهِ جَنِينَيْنِ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْعِتْقِ وَالْآخَرُ بَعْدَهُ وَجَبَ فِي الْجَنِينِ الَّذِي أَلْقَتْهُ قَبْلَ الْعِتْقِ عُشْرُ قِيمَتِهَا، وَفِي الْجَنِينِ الَّذِي أَلْقَتْهُ بَعْدَ الْعِتْقِ غُرَّةٌ فَدَلَّ عَلَى الِاعْتِبَارِ بِوَقْتِ إِلْقَائِهِ لَا وقت الضرب.

<<  <  ج: ص:  >  >>