للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَعَهُمْ صُهَيْبٌ وَهُوَ يُصَلِّي فِي مَسْجِدِ قُبَاءٍ فقلت: كيف فعل رسول الله فَقَالَ: رَدَّ عَلَيْهِمْ السَّلَامُ وَأَشَارَ إِلَيْهِمْ بِيَدِهِ "

وَرُوِيَ عَنْ أَسْمَاءَ أَنَّهَا قَالَتِ انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ فَدَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَهِيَ تُصَلِّي وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عِنْدَهَا فَسَأَلْتُهَا عَنِ الْخَبَرِ فَقَالَتْ سُبْحَانَ اللَّهِ وَأَشَارَتْ إِلَى السَّمَاءِ فَقُلْتُ: آيَةٌ فَأَشَارَتْ بِرَأْسِهَا نعم، فلو كانت الإشارة والتسبيح للإفهام والتلبية تُبْطِلُ الصَّلَاةَ لَمَا فَعَلَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَلَنَهَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عَنْهُ وَلِأَنَّ الْإِفْهَامَ بِقَوْلِ سُبْحَانَ اللَّهِ لَوْ أَبْطَلَ الصَّلَاةَ لَوَجَبَ أَنْ يُبْطِلَهَا إِذَا قَصَدَ بِهِ إِفْهَامَ إِمَامِهِ لِسَهْوِهِ فِي صَلَاتِهِ، وَفِي جَوَازِ ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِهِ بِكُلِّ حَالٍ فَأَمَّا تَعَلُّقُهُمْ بِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ فَلَا حُجَّةَ فِيهِ، لِأَنَّ الرَّدَّ فِي الصَّلَاةِ مُبَاحٌ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ، وَأَمَّا مَا ذَكَرُوا مِنْ قَوْلِهِ: {يَا يَحْيَى خُذِ الكتاب} وقوله: {يوسف أعرض عن هذا} فَهُوَ عِنْدَنَا يَنْقَسِمُ قِسْمَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَقْصِدَ بِهِ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ فَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَإِنْ تَضَمَّنَ الْإِفْهَامَ، وَالتَّنْبِيهَ، وَالتَّسْبِيحَ، سَوَاءٌ وَعَلَى هَذَا الْمَعْنَى رَوَى حَكِيمُ بْنُ سَعْدٍ أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْخَوَارِجِ نَادَى عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَهُوَ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} قَالَ فَأَجَابَهُ عَلَيٌّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ، وَلا يستخفنك الذين لا يوقنون} ثُمَّ رَجَعَ إِلَى قِرَاءَتِهِ

وَالثَّانِي: أَنْ يَقْصِدَ بِهِ الْإِفْهَامَ، وَالتَّنْبِيهَ لَا الْقِرَاءَةَ فَتَبْطُلَ صَلَاتُهُ

وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّسْبِيحِ: أَنَّ هَذَا خِطَابُ آدَمِيٍّ صَرِيحٌ، وَالتَّسْبِيحُ إِشَارَةٌ بِالْمَعْنَى وَالتَّنْبِيهِ فَافْتَرَقَ حكمها في إبطال الصلاة

[(مسألة)]

: قال الشافعي رضي الله عنه: " وَعَلَى الْمَرْأَةِ إِنْ كَانَتْ حُرَّةً أَنْ تَسْتَتِرَ فِي صَلَاتِهَا حَتَّى لَا يَظْهَرَ مِنْهَا شيءٌ إلا وجهها وكفيها فإن ظهر منها شيء سوى ذك أَعَادَتِ الصَّلَاةَ "

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ

سَتْرُ الْعَوْرَةِ وَاجِبٌ فِي الصَّلَاةِ

وَقَالَ مَالِكٌ: سَتْرُ الْعَوْرَةِ مُسْتَحَبٌّ فِي الصَّلَاةِ، وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ فَمَنْ صَلَّى مَكْشُوفَ الْعَوْرَةِ وَكَانَ الْوَقْتُ بَاقِيًا أَعَادَ وَإِنْ كَانَ فَائِتًا لَمْ يُعِدْ، وَكُلُّ مَوْضِعٍ يَقُولُ مَالِكٌ إِنَّهُ يُعِيدُ فِيهِ مَعَ بَقَاءِ الْوَقْتِ يُرِيدُ بِهِ اسْتِحْبَابًا لَا وَاجِبًا

وَاحْتَجَّ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ وَاجِبًا لِغَيْرِ الصَّلَاةِ لَمْ تَجِبْ لِلصَّلَاةِ كَالصَّوْمِ، وَالزَّكَاةِ لَمَّا وَجَبَا لِغَيْرِ الصَّلَاةِ لَمْ يَجِبَا لِلصَّلَاةِ وَلَمْ يَكُونَا مِنْ شَرْطِ صِحَّتِهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>