للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(بَابُ مَا يُسْقِطُ الْقَسَامَةَ مِنَ الِاخْتِلَافِ أَوْ لا يسقطها)

[(مسألة)]

قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: " وَلَوِ ادَّعَى أَحَدُ الابنين على رجل من أهل هذه الْمَحَلَّةِ أَنَّهُ قَتَلَ أَبَاهُ وَحْدَهُ وَقَالَ الْآخَرُ وَهُوَ عَدْلٌ مَا قَتَلَهُ بِأَنَّهُ كَانَ فِي الْوَقْتِ الَّذِي قُتِلَ فِيهِ بِبَلَدٍ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَصِلَ إِلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فَفِيهَا قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ لِلْمُدَّعِي أَنْ يُقْسِمَ خَمْسِينَ يَمِينًا وَيَسْتَحِقَّ نِصْفَ الدِّيَةِ، وَالثَّانِي أَنْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُقْسِمَ عَلَى رَجُلٍ يُبَرِّئُهُ وَارِثُهُ (قال المزني) قياس قوله أن من أثبت السبب الذي به القسامة حلف ولم يمنعه من ذلك إنكار الآخر كما لو أقام أحدهما شاهداً لأبيهما بدين وأنكر الآخر ما ادعاه أخوه وأكذبه أن للمدعي مع الشاهد اليمين ويستحق كذلك للمدعي مع السبب القسامة ويستحق فالسبب والشاهد بمعنى واحد في قوله لأنه يوجب مع كل واحد اليمين والاستحقاق إلا أن في الدم خمسين يميناً وفي غيره يمين) .

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَصُورَتُهَا: فِي قَتِيلٍ وُجِدَ فِي قَبِيلَةٍ عَنْ لَوْثٍ ظَهَرَ فِي قَتْلِهِ فَادَّعَى أَحَدُ بَنِيهِ قَتْلَهُ عَلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْقَبِيلَةِ فَلَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ وُجُودَ اللَّوْثِ فِيهَا يُجَوِّزُ دَعْوَى قَتْلِهِ عَلَى جَمِيعِهِمْ، إِذَا أَمْكَنَ اشْتِرَاكُهُمْ فِيهِ وَعَلَى أَحَدِهِمْ فَإِذَا خَصَّ بِالدَّعْوَى أَحَدَهُمْ سُمِعَتْ، وَكَانَ اللَّوْثُ مُتَوَجِّهًا إِلَيْهِ، إِذَا خُصَّ بِالدَّعْوَى وَحْدَهُ ثُمَّ إِنَّ أَخَاهُ الْمُشَارِكَ لَهُ فِي دَمِ أَبِيهِ أَكْذَبَهُ فِي دَعْوَاهُ، وَقَالَ مَا قَتَلَ هَذَا أَبَانَا، وَلَا حَضَرَ قَتْلَهُ، وَكَانَ غَائِبًا وَقْتَ قَتْلِهِ فِي بَلَدٍ آخَرَ، فَيَكُونُ هَذَا تَكْذِيبًا، سَوَاءٌ كَانَ الْمُكَذِّبُ عَدْلًا أَوْ غَيْرَ عَدْلٍ.

وَإِنَّمَا شَرَطَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِيهِ الْعَدَالَةَ لِيَصِحَّ أَنْ يَشْهَدَ مَعَ غَيْرِهِ يُعِينُهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَيَبْرَأُ مِنَ الدَّعْوَى وَلَمْ يَجْعَلْ عَدَالَتَهُ شَرْطًا فِي صِحَّةِ التَّكْذِيبِ، فَأَمَّا إِنْ لَمْ يَقُلْ وَكَانَ فِي بَلَدٍ آخَرَ، فَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ تَكْذِيبًا صَحِيحًا أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ يَكُونُ تَكْذِيبًا صَحِيحًا، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ تَأْكِيدًا فِي التَّكْذِيبِ وَلَمْ يَجْعَلْهُ شَرْطًا فِيهِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عَلِيِّ بْنِ أبي هُرَيْرَةَ إِنَّهُ شَرْطٌ فِي التَّكْذِيبِ لَا يَصِحُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>