للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَسْمُوعَةٌ عَلَى الْعَبْدِ دُونَ سَيِّدِهِ، لِأَنَّ إِقْرَارَ الْعَبْدِ بِهَا عَلَى نَفْسِهِ مَقْبُولٌ، لِارْتِفَاعِ التُّهْمَةِ عَنْهُ وَإِقْرَارُ السَّيِّدِ عَلَى عَبْدِهِ غَيْرُ مَقْبُولٍ.

فَإِنِ اعْتَرَفَ الْعَبْدُ بِهَا اقْتُصَّ مِنْهُ، فَإِنْ عُفِيَ عَنِ الْقِصَاصِ بِيعَ فِي جِنَايَتِهِ، إِلَّا أَنْ يَفْدِيَهُ سَيِّدُهُ.

وَإِنْ كَانَتْ دَعْوَى الْقَتْلِ فِي خَطَأٍ يُوجِبُ الْمَالَ، فَيَجُوزُ سَمَاعُهَا عَلَى الْعَبْدِ وَعَلَى سَيِّدِهِ، أَمَّا الْعَبْدُ فَلِتَعَلُّقِهَا إِنْ أَقَرَّ بِذِمَّتِهِ وَأَدَائِهِ لَهَا بَعْدَ عِتْقِهِ، وَأَمَّا السَّيِّدُ فَلِأَنَّهَا إِنْ أَقَرَّ مُسْتَحَقَّةٌ فِي رَقَبَةِ عَبْدِهِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ، فَإِنْ سُمِعَتْ عَلَى الْعَبْدِ، فَأَنْكَرَهَا حَلَفَ وَبَرِئَ، وَجَازَ أَنْ يَسْتَأْنِفَ الدَّعْوَى عَلَى سَيِّدِهِ بَعْدَ إِنْكَارِ عَبْدِهِ وَيَمِينِهِ، فَإِنِ اعْتَرَفَ بِهَا تَعَلَّقَتْ بِرَقَبَةِ عَبْدِهِ وَإِنْ أَنْكَرَهَا حَلَفَ وَبَرِئَ.

وَإِنْ أَقَرَّ بَعْدَهَا تَعَلَّقَتْ بِذِمَّتِهِ دُونَ رَقَبَتِهِ إِلَّا أَنْ يَصْدُقَهُ السَّيِّدُ عَلَيْهَا فَتَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ، إِلَّا أَنْ يَفْدِيَهُ السَّيِّدُ مِنْهَا وَلَوْ قُدِّمَتِ الدَّعْوَى عَلَى السَّيِّدِ.

فَإِنِ اعْتَرَفَ تَعَلَّقَتْ بِرَقَبَةِ عَبْدِهِ، إِلَّا أَنْ يَفْدِيَهُ السَّيِّدُ مِنْهَا. وَسَوَاءٌ كَانَ الْعَبْدُ فِيهَا مُقِرًّا أَوْ مُنْكِرًا، وَإِنْ أَنْكَرَهَا السَّيِّدُ حَلَفَ وَبَرِئَ وَجَازَ أَنْ يَسْتَأْنِفَ الدَّعْوَى عَلَى الْعَبْدِ فَإِنْ أَنْكَرَهَا حَلَفَ وَبَرِئَ وَإِنِ اعْتَرَفَ بِهَا تَعَلَّقَتْ بِذِمَّتِهِ، يُؤَدِّيهَا بَعْدَ عِتْقِهِ وَيَسَارِهِ فَلَوْ أَنْكَرَهَا الْعَبْدُ وَنَكَلَ عَنِ الْيَمِينِ فِيهَا فَرُدَّتْ عَلَى الْمُدَّعِي وَحَلَفَ ثَبَتَتْ لَهُ الْجِنَايَةُ بِيَمِينِهِ بَعْدَ النُّكُولِ. وَهَلْ تَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ أَوْ بِذِمَّتِهِ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ مَبْنِيَّيْنِ عَلَى اخْتِلَافِ قَوْلَيْهِ فِي يَمِينِ الْمُدَّعِي بَعْدَ نُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَلْ تَقُومُ مَقَامَ الْبَيِّنَةِ أَوْ مَقَامَ الْإِقْرَارِ؟ فَإِنْ قِيلَ إِنَّهَا تَقُومُ مَقَامَ الْبَيِّنَةِ تَعَلَّقَتْ بِرَقَبَتِهِ وَإِنْ قِيلَ إِنَّهَا تَقُومُ مَقَامَ الْإِقْرَارِ تَعَلَّقَتْ بِذِمَّتِهِ.

فَأَمَّا الْمُزَنِيُّ فَإِنَّهُ قَالَ: كَمَا لَا يَضُرُّ سَيِّدَهُ إِقْرَارُهُ بِمَا يُوجِبُ الْمَالَ فَكَذَلِكَ لَا يَضُرُّ عَاقِلَةَ الْحُرِّ قَوْلُهُ هَذَا صَحِيحٌ لِأَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَتَحَمَّلُ اعْتِرَافَ الْجَانِي كَمَا لَا يَلْزَمُ السَّيِّدَ إِقْرَارُ عَبْدِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

(مَسْأَلَةٌ)

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ سَكْرَانَ لَمْ يَحْلِفْ حَتَّى يَصْحُوَ (قَالَ الْمُزَنِيُّ) هَذَا يَدُلُّ عَلَى إِبْطَالِ طَلَاقِ السَّكْرَانِ الَّذِي لَا يَعْقِلُ وَلَا يُمَيِّزُ) .

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ. إِذَا تَوَجَّهَتِ الْيَمِينُ عَلَى سَكْرَانَ لَمْ يَحْلِفْ فِي حَالِ سُكْرِهِ حَتَّى يَصْحُوَ، لِأَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: إِنَّهُ رُبَّمَا اشْتَبَهَ عَلَيْهِ بِالسُّكْرِ مَا لَا يَسْتَحِقُّهُ.

وَالثَّانِي: إِنَّ الْيَمِينَ مَوْضُوعَةٌ لِلزَّجْرِ، وَالسَّكْرَانُ يُقْدِمُ فِي سُكْرِهِ عَلَى مَا يَمْتَنِعُ مِنْهُ عِنْدَ إِفَاقَتِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>