للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(باب لا يرث القاتل)]

(مِنْ كِتَابِ اخْتِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَهْلِ الْمَدِينَةِ)

[(مسألة)]

قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: " قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يَرِثُ قَاتِلٌ خَطَأً وَلَا عَمْدًا إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَجْنُونًا أَوْ صَبِيًّا فَلَا يُحْرَمُ الْمِيرَاثَ لِأَنَّ الْقَلَمَ عَنْهُمَا مَرْفُوعٌ وَقَالَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ لَا يَرِثُ قَاتِلُ عَمْدٍ وَلَا يَرِثُ قَاتِلُ خَطَأٍ مِنَ الدِّيَةِ وَيَرِثُ مِنْ سَائِرِ مَالِهِ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ هَلْ رَأَيْتُمْ وَارِثًا يَرِثُ بَعْضَ مَالِ رَجُلٍ دُونَ بَعْضٍ إِمَّا أَنْ يَرِثَ الْكُلَّ أَوْ لَا يَرِثَ شيئا (قال الشافعي) رحمه الله يدخل على محمد بن الحسن أنه يسوي بين المجنون والصبي وبين البالغ الخاطئ في قتل الخطأ ويجعل على عواقلهم الدية ويرفع عنهم المأثم فكيف ورث بعضهم دون بعض وهم سواء في المعنى (قال) ويدخل على أصحابنا ما دخل على محمد بن الحسن وليس في الفرق بين قاتل خطأ لا يرث وقاتل عمد خبر يلزم ولو كان ثابتاً كانت فيه أشبه (قال المزني) رحمه الله المعنى تأويله إذا لم يثبت فرق أنهما سواء في أنهما لا يرثان وقد قطع بهذا المعنى في كتاب قتال أهل البغي فقال إذا قتل العادل الباغي أو الباغي العادل لا يتوارثان لأنهما قاتلان قال وهذا أشبه بمعنى الحديث) .

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا قَدْ مَضَى فِي كِتَابِ الْفَرَائِضِ وَذَكَرْنَا اخْتِلَافَ الْفُقَهَاءِ فِي مِيرَاثِ الْقَاتِلِ فَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ لَا يَرِثُ قَاتِلُ عَمْدٍ وَلَا خَطَأٍ سَوَاءٌ جَرَى عَلَيْهِ الْقَلَمُ بِالْبُلُوغِ وَالْعَقْلِ أَوْ رُفِعَ عَنْهُ الْقَلَمُ بِالصِّغَرِ وَالْجُنُونِ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يَرِثُ قَاتِلُ عَمْدٍ وَلَا خَطَأٍ إِنْ جَرَى عَلَيْهِ الْقَلَمُ وَيَرِثُ إِنْ رُفِعَ عَنْهُ الْقَلَمُ وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَرِثُ قَاتِلُ الْعَمْدِ وَإِنْ رفع عنه القلم ويرث الخطأ مِنَ الْمَالِ دُونَ الدِّيَةِ وَإِنْ جَرَى عَلَيْهِ الْقَلَمُ، فَرَدَّ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ عَلَى مَالِكٍ هَذَا الْقَوْلَ وَقَالَ: هَلْ رَأَيْتُمْ وَارِثًا يَرِثُ بَعْضَ مَالِ رَجُلٍ دُونَ بَعْضٍ؟ إِمَّا أَنْ يَرِثَ الْكُلَّ أَوْ لَا يَرِثَ شَيْئًا، وَهَذَا رَدٌّ صَحِيحٌ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ عَلَى مَالِكٍ حَيْثُ وَرَّثَ الْخَاطِئَ مِنَ الْمَالِ دُونَ الدِّيَةِ، وَكِلَاهُمَا مَالٌ لِلْمَقْتُولِ يَقْضِي مِنْهُمَا دُيُونَهُ وَتُنَفَّذُ مِنْهُمَا وَصَايَاهُ فَإِنِ انْتَفَتِ التُّهْمَةُ عَنِ الْخَاطِئِ وَرِثَ الْكُلَّ وَإِنْ تَحَقَّقَتِ التُّهْمَةُ مُنِعَ الْكُلَّ، وَلَمْ يَجُزْ تَبْعِيضُ الْمَالِ فِي الْمِيرَاثِ

<<  <  ج: ص:  >  >>