للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا قَوْلُهُ لِمَا جَازَ تَرْكُهُ فِي حَالِ الْعُذْرِ وَجَبَ أَنْ يَقَعَ بَيْنَ قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ فِي حَالِ الِاخْتِيَارِ فَبَطَلَ بِالْوُضُوءِ، وَيَجُوزُ تَرْكُهُ مَعَ الْعُذْرِ، وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ فِي حَالِ الِاخْتِيَارِ عَلَى أَنَّ الْمَشْيَ فِعْلٌ وَحَرَكَةٌ، وَالِاحْتِرَازَ مِنْهُمَا فِي الصَّلَاةِ غَيْرُ مُمْكِنٍ إِذْ لَيْسَ فِي الْمُمْكِنِ أَنْ لَا يَتْرُكَ فِي صَلَاتِهِ، فَلِذَلِكَ وَقَعَ الْفَرْقُ بَيْنَ قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ السُّتْرَةُ، وَأَمَّا قَوْلُهُ إِنَّهُ لَمَّا جَازَ التَّرْكُ لِلتَّكْبِيرِ فِي الزَّمَانِ الْيَسِيرِ فَكَذَلِكَ التَّرْكُ الْيَسِيرُ فِي الزَّمَانِ الْكَثِيرِ، قُلْنَا: هُمَا فِي الْحُكْمِ، وَالْمَعْنَى سَوَاءٌ إِنَّمَا جَازَتْ صَلَاتُهُ فِي الْكَشْفِ الْكَثِيرِ فِي الزَّمَانِ الْيَسِيرِ، لِأَنَّهُ غَيْرُ قَادِرٍ عَلَى سِتْرِهِ، وَلَوْ قَدَرَ عَلَيْهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ [وَإِنَّمَا أَبْطَلْنَا صَلَاتَهُ] فِي الكشف الكثير فِي الزَّمَانِ الطَّوِيلِ، لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى سَتْرِهِ، وَلَوْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ لِخِرَقٍ فِي ثَوْبِهِ لَا يَجِدُ مَا يَسْتُرُهُ جَازَتْ صَلَاتُهُ فَلَمْ يفترق الحكم في الموضعين.

[(فصل)]

: فإذا تكررت هَذِهِ الْجُمْلَةُ فَلِلْمَرْأَةِ حَالَانِ، حَالُ عَوْرَةٍ، وَحَالُ إِبَاحَةٍ فَأَمَّا حَالُ الْإِبَاحَةِ فَمَعَ زَوْجِهَا فَلَيْسَ بَيْنَهُمَا عَوْرَةٌ وَلَهُ النَّظَرُ إِلَى سَائِرِ بَدَنِهَا

وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا هَلْ لَهُ النَّظَرُ إِلَى فَرْجِهَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِيِّ: لَا يَجُوزُ لَهُ النَّظَرُ إِلَى فرجها، ولا له النَّظَرُ إِلَى فَرْجِهِ لِمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَعَنَ اللَّهُ النَّاظِرَ وَالْمَنْظُورَ إِلَيْهِ "

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَجُوزُ لَهُ النَّظَرُ إِلَى فَرْجِهَا، وَيَجُوزُ لَهَا النَّظَرُ إِلَى فَرْجِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ} [البقرة: ١٨٧] وَلِأَنَّهُ قَدِ اسْتَبَاحَ جُمْلَتَهَا بِعَقْدِ النِّكَاحِ وَفَرْجُهَا هُوَ الْمَقْصُودُ بِالِاسْتِمْتَاعِ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ الِاسْتِمْتَاعُ بِهِ أَقَلَّ مِنَ الِاسْتِمْتَاعِ بِغَيْرِهِ، وَلَوْ تَنَزَّهَ عَنْ ذَلِكَ كَانَ أَوْلَى

وَأَمَّا الْعَوْرَةُ فَضَرْبَانِ صُغْرَى وَكُبْرَى، فَأَمَّا الْكُبْرَى فَجَمِيعُ الْبَدَنِ إِلَّا الوجه والكفان وَأَمَّا الصُّغْرَى فَمَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ وَمَا يَلْزَمُهَا سَتْرُ هَاتَيْنِ الْعَوْرَتَيْنِ مِنْ أَجْلِهِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَلْزَمَهَا سَتْرُ الْعَوْرَةِ الْكُبْرَى، وَذَلِكَ فِي ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ:

أَحَدُهَا: فِي الصَّلَاةِ وَقَدْ مَضَى حُكْمُهَا

وَالثَّانِي: مَعَ الرِّجَالِ الْأَجَانِبِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مُسْلِمِهِمْ، وَكَافِرِهِمْ، وَحُرِّهِمْ، وَعَبْدِهِمْ، وَعَفِيفِهِمْ، وَفَاسِقِهِمْ، وَعَاقِلِهِمْ، وَمَجْنُونِهِمْ فِي إِيجَابِ سَتْرِ الْعَوْرَةِ الْكُبْرَى مِنْ جَمِيعِهِمْ

وَالثَّالِثُ: مَعَ الْخَنَاثَى الْمُشْكِلِينَ، لِأَنَّ جُمْلَةَ الْمَرْأَةِ عَوْرَةٌ فَلَا يُسْتَبَاحُ النَّظَرُ إِلَى بَعْضِهَا بِالشَّكِّ

وَالْقِسْمُ الثَّانِي: مَا يَلْزَمُهَا سَتْرُ الْعَوْرَةِ الصُّغْرَى وَذَلِكَ مَعَ ثَلَاثَةِ أَصْنَافٍ أَحَدُهَا مَعَ النِّسَاءِ كُلِّهِنَّ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْبَعِيدَةِ وَالْقَرِيبَةِ، وَالْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ، وَالْمُسْلِمَةِ والذميه

<<  <  ج: ص:  >  >>