للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالثَّانِي: إِنَّهُ مُسْتَعْمَلٌ عَلَى حَقِيقَةِ الْكُفْرِ، لِأَنَّ سُلَيْمَانَ لَمْ يَكْفُرْ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا.

فَإِنْ قِيلَ: إِنَّ الْمُرَادَ بِهِ السِّحْرُ، فَفِيهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: إِنَّ الشَّيَاطِينَ كَانُوا يَسْتَرِقُونَ السَّمْعَ وَيَسْتَخْرِجُونَ السِّحْرَ فَأَطْلَعَ اللَّهُ سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ فَأَخَذَهُ مِنْهُمْ وَدَفَنَهُ تَحْتَ كُرْسِيِّهِ فَلَمَّا مَاتَ سُلَيْمَانُ دَلُّوا عَلَيْهِ الْإِنْسَ وَنَسَبُوهُ إِلَى سُلَيْمَانَ وَقَالُوا بِسِحْرِهِ هَذَا سُخِّرَتْ لَهُ الرِّيَاحُ وَالشَّيَاطِينُ.

وَالثَّانِي: إِنَّ الشَّيَاطِينَ بَعْدَ مَوْتِهِ دَفَنُوا سِحْرَهُمْ تَحْتَ كُرْسِيِّ سُلَيْمَانَ ثُمَّ نَسَبُوهُ إِلَيْهِ.

وَإِنْ قِيلَ: إِنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى حَقِيقَةِ الْكُفْرِ، فَفِيمَا أُرِيدَ بِقَوْلِهِ {وما كفر سليمان} وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: مَا كَفَرَ بِالسِّحْرِ.

وَالثَّانِي: مَا كَفَرَ بِمَا حَكَاهُ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ تَسْخِيرِ الرِّيَاحِ وَالشَّيَاطِينِ لَهُ، وَفِي الْمُرَادِ بِقَوْلِهِ تعالى {ولكن الشياطين كفروا} وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: كَفَرُوا بِمَا اسْتَخْرَجُوهُ مِنَ السِّحْرِ

وَالثَّانِي: كَفَرُوا بِمَا نَسَبُوهُ إِلَى سُلَيْمَانَ مِنَ السحر ثم قال: {يعملون الناس السحر} وَفِيهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: مَعْنَاهُ أَعْلَمُوهُمْ وَلَمْ يُعَلِّمُوهُمْ فَيَكُونُ مِنَ الْإِعْلَامِ لَا مِنَ التَّعْلِيمِ وَقَدْ جَاءَ فِي كَلَامِهِمْ تَعَلَّمُ بِمَعْنَى أَعْلَمَ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:

(تَعَلَّمْ أَنَّ بَعْدَ الْغَيِّ رُشْدًا ... وَأَنَّ لِذَلِكَ الْغَيِّ انْقِشَاعَا)

وَالثَّانِي: إِنَّهُ التَّعْلِيمُ الْمُسْتَعْمَلُ عَلَى حَقِيقَتِهِ، وَفِي تَعْلِيمِهِمْ لِلنَّاسِ السِّحْرَ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: إِنَّهُمْ أَلْقَوْهُ فِي قُلُوبِهِمْ فَتَعَلَّمُوهُ.

وَالثَّانِي: إِنَّهُمْ دَلُّوهُمْ عَلَى إِخْرَاجِهِ مِنْ تَحْتِ الْكُرْسِيِّ فَتَعَلَّمُوهُ، وَفِي قَوْلِهِ: {وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الملكين} وجهان:

<<  <  ج: ص:  >  >>