للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَرُوِيَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ: " أَرِنِي الْمَوْضِعَ الَّذِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُقَبِّلُهُ فَكَشَفَ عَنْ سُرَّتِهِ فَقَبَّلَهَا أَبُو هُرَيْرَةَ "

فَدَلَّتْ هَذِهِ الْأَخْبَارُ عَلَى أَنَّ السُّرَّةَ وَالرُّكْبَةَ لَيْسَا بِعَوْرَةٍ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى سَتْرِ عَوْرَتِهِ إِلَّا بِسَتْرِ بَعْضِ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ ليكون سائراً لِجَمِيعِ الْعَوْرَةِ، كَمَا لَا يَقْدِرُ عَلَى غَسْلِ وَجْهِهِ إِلَّا بِالْمُجَاوَزَةِ إِلَى غَيْرِهِ

وَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَالْمُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ فِي ثَوْبَيْنِ، قَمِيصٍ وَرِدَاءٍ وَسَرَاوِيلَ وَرِدَاءٍ، لِرِوَايَةِ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " مَنْ كَانَ مَعَهُ ثَوْبَانِ فَلْيُصَلِّ فِيهِمَا، ومن لم يكن معه إلا ثوب واحد فَلْيَتَّزِرْ بِهِ "

وَإِنْ صَلَّى الرَّجُلُ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ سَتَرَ بِهِ مَا بَيْنَ سُرَّتِهِ وَرُكْبَتِهِ أَجْزَأَهُ

وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: لَا تُجْزِئُهُ صَلَاتُهُ حَتَّى يَضَعَ عَلَى عَاتِقِهِ شَيْئًا، وَلَوْ حَبْلًا تَعَلُّقًا بِرِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا يُصَلِّيَنَّ أَحَدُكُمْ فِي ثَوْبٍ لَيْسَ عَلَى عَاتِقِهِ شَيْءٌ مِنْهُ "

وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فِي ثَوْبٍ فَلْيَصْنَعْ عَلَى عَاتِقِهِ شَيْئًا، وَلَوْ حَبْلًا "، وَهَذَا خَطَأٌ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَنْ كَانَ مَعَهُ ثَوْبَانِ فَلْيُصَلِّ فِيهِمَا وَمَنْ لم يكن معه إلا ثوب واحد فليتزر بِهِ "

وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ أَنَّ رَجُلًا نَادَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَيُصَلِّي أَحَدٌ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ؟ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أُوَكُلُّكُمْ يَجِدُ ثَوْبَيْنِ "

وَرُوِيَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صَلَّى فِي ثَوْبٍ بَعْضُهُ عَلَيْهِ وَبَعْضُهُ عَلَى زَوْجَتِهِ مَيْمُونَةَ

فَأَمَّا مَا احْتَجَّ بِهِ أَحْمَدُ مِنَ الْأَخْبَارِ فَمَحْمُولٌ عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِحْبَابِ بِدَلِيلِ مَا رُوِّينَا

(فَصْلٌ)

: فَأَمَّا صَلَاةُ الرَّجُلِ فِي قَمِيصٍ وَاحِدٍ فَجَائِزٌ إِذَا صَنَعَ أَحَدَ ثَلَاثِ خِصَالٍ إِمَّا أَنْ يَزِرَّهُ عَلَيْهِ، أَوْ يَرْبُطَهُ بِشَيْءٍ، أَوْ يَشُدَّ وَسَطَهُ فَوْقَ سُرَّتِهِ عَلَى قَمِيصِهِ، وَإِنْ لَمْ يَصْنَعْ شَيْئًا مِنْ هَذَا وَصَلَّى فِيهِ كَمَا لَبِسَ لَمْ يُجْزِهِ

وَقَالَ أبو حنيفة: يُجْزِئُهُ أَنْ يَسْتُرَ الْعَوْرَةَ بِمَا قَابَلَهَا وَلَا اعْتِبَارَ بِالطَّرَفَيْنِ أَلَا تَرَاهُ لَوْ صَلَّى فِي مِئْزَرٍ جَازَ وَإِنْ كَانَ مَا قَابَلَ الْأَرْضَ مِنْ عَوْرَتِهِ ظَاهِرًا، وَهَذَا خَطَأٌ لِمَا رُوِيَ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>