للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَسْتَأْجِرُهُ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ، وَكَانَ قَادِرًا عَلَى الثَّمَنِ، أَوِ الْأُجْرَةِ لَزِمَهُ ذَلِكَ كَالْمُسَافِرِ إِذَا بُذِلَ له الماء بثمن مثله، فإن صلى عريان أَعَادَ، لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْوَاجِدِ لِلثَّوْبِ، فَلَوِ اسْتَعَارَ الْعُرْيَانُ ثَوْبًا لِصَلَاتِهِ فَمَنَعَهُ الْمَالِكُ مِنْ إِعَارَتِهِ وَقَالَ: خُذْهُ عَلَى طَرِيقِ الْهِبَةِ وَالتَّمْلِيكِ لَا الْعَارِيَةِ فَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا هَلْ يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ؟ عَلَى ثَلَاثَةِ مَذَاهِبَ:

أَحَدُهَا: يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ كَمَا يَلْزَمُهُ قَبُولُ الْمَاءِ إِذَا وُهِبَ لَهُ

وَالثَّانِي: لَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ لِمَا فِي قَبُولِهِ مِنَ الدُّخُولِ تَحْتَ مِنَّةِ الْوَاهِبِ فَصَارَ كَالْمَوْهُوبِ لَهُ الْمَالُ لِلْحَجِّ، وَفَارَقَ هَيْئَةَ الْمَاءِ لِعَدَمِ الْمِنَّةِ فِيهِ

وَالْمَذْهَبُ الثَّالِثُ: يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ نَاوِيًا بِهِ الْعَارِيَةَ، وَإِذَا صَلَّى فِيهِ رَدَّهُ إِلَى رَبِّهِ، فَلَوِ اسْتَعَارَ ثَوْبًا لِيُصَلِّيَ فِيهِ فَلَبِسَهُ وَأَحْرَمَ بِالصَّلَاةِ ثُمَّ اسْتَرْجَعَهُ مَالِكُهُ بَنَى عَلَى صلاته عريان وأجزأته، ولو أحرم بالصلاة عريان فَطُرِحَ عَلَيْهِ ثَوْبٌ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ اسْتَتَرَ به وبنى على صلاته

[(مسألة)]

: قال الشافعي رضي الله عنه: " وَمَنْ سَلَّمَ أَوْ تَكَلَّمَ سَاهِيًا، أَوْ نَسِيَ شَيْئًا مِنْ صُلْبِ الصَّلَاةِ بَنَى مَا لَمْ يتطاول لك وَإِنْ تَطَاوَلَ اسْتَأْنَفَ الصَّلَاةَ "

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ

وَجُمْلَةُ الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ ضَرْبَانِ عَمْدٌ، وَنِسْيَانٌ، فَأَمَّا الْمُتَكَلِّمُ فِي صَلَاتِهِ نَاسِيًا فَصَلَاتُهُ جَائِزَةٌ مَا لَمْ يَتَطَاوَلْ كَلَامُهُ، وَعَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ فِي أَحَدِهِمَا

وَقَالَ أبو حنيفة: جِنْسُ الْكَلَامِ عَمْدُهُ وَسَهْوُهُ يُبْطِلُ الصَّلَاةَ إِلَّا أَنْ يُسَلِّمَ سَاهِيًا فَلَا يُبْطِلُ

وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ الْعَنْبَرِيُّ: تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِالْكَلَامِ كُلِّهِ، وَبِالسَّلَامِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ

وَاسْتَدَلُّوا بِمَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: " كُنَّا نكلم النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَبْلَ أَنْ نُهَاجِرَ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ، فَلَمَّا قَدِمْنَا مِنَ الْحَبَشَةِ دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ وَهُوَ يُصَلِّي فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ فَأَخَذَنِي مَا قَرُبَ وَمَا بَعُدَ، فَلَمَّا فَرَغَ قُلْتُ: لَمْ تَرُدَّ عَلَيَّ، قَالَ: إِنَّ اللَّهَ يُحْدِثُ مِنْ أَمْرِهِ مَا يَشَاءُ وَقَدْ أَحْدَثَ أَنْ لَا تَكَلَّمُوا فِي الصَّلَاةِ " فَكَانَ عَلَى عُمُومِهِ فِي عَمْدِ الْكَلَامِ وَسَهْوِهِ

وَرُوِيَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ قَالَ: صَلَّيْتُ خَلْفَ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَعَطَسَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ فَقُلْتُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ فَعَضَّ النَّاسُ عَلَى شِفَاهِهِمْ، وَغَمَزُونِي بِأَبْصَارِهِمْ، فَلَمَّا صَلَّيْتُ دَعَانِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَمَا ضَرَبَنِي وَلَا كَهَرَنِي - بِأَبِي هُوَ وَأُمِّي - مِنْ معلمٍ وَقَالَ: إِنَّ صَلَاتَنَا هَذِهِ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ الْآدَمِيِّينَ، إِنَّمَا هِيَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَالْقِرَاءَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>