للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(باب حكم المرتد)]

[(مسألة)]

قال الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: " وَمَنِ ارْتَدَّ عَنِ الْإِسْلَامِ إِلَى أَيِّ كُفْرٍ كَانَ مَوْلُودًا عَلَى الْإِسْلَامِ أَوْ أَسْلَمَ ثُمَّ ارْتَدَّ قُتِلَ) .

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَمَّا الرِّدَّةُ فِي اللُّغَةِ فَهِيَ الرُّجُوعُ عَنِ الشَّيْءِ إِلَى غَيْرِهِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ} [المائدة: ٢١] .

وَأَمَّا الرِّدَّةُ فِي الشَّرْعِ: فَهِيَ الرُّجُوعُ عَنِ الْإِسْلَامِ إِلَى الْكُفْرِ.

وَهُوَ مَحْظُورٌ لَا يَجُوزُ الْإِقْرَارُ عَلَيْهِ.

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ من الخاسرين} [المائدة: ٥] .

وقال الله تَعَالَى: {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ} [البقرة: ٢١٧] الْآيَةَ.

وَقَالَ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ} [النساء: ١٣٧] الْآيَةَ.

وَفِيهَا ثَلَاثَةُ أَقَاوِيلَ:

أَحَدُهَا: إنَّهُمُ الْيَهُودُ، آمَنُوا بِمُوسَى ثُمَّ كَفَرُوا بِعِبَادَةِ الْعِجْلِ، ثُمَّ آمَنُوا بِمُوسَى بَعْدَ عَوْدِهِ، ثُمَّ كَفَرُوا بِعِيسَى، ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا بِمُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهَذَا قَوْلُ قَتَادَةَ -.

وَالثَّانِي: إنَّهُمُ الْمُنَافِقُونَ، آمَنُوا ثُمَّ ارْتَدُّوا، ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ ارْتَدُّوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا بِمَوْتِهِمْ عَلَى كُفْرِهِمْ. وَهَذَا قَوْلُ مُجَاهِدٍ.

وَالثَّالِثُ: إنَّهُمْ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ قَصَدُوا تَشْكِيكَ الْمُؤْمِنِينَ، فَكَانُوا يُظْهِرُونَ الْإِيمَانَ ثُمَّ الْكُفْرَ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى، ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا بِثُبُوتِهِمْ عَلَيْهِ. وَهَذَا قَوْلُ الْحَسَنِ.

فَإِذَا ثَبَتَ حَظْرُ الرِّدَّةِ بِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى فَهِيَ مُوجِبَةٌ لِلْقَتْلِ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَإِجْمَاعِ صَحَابَتِهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -.

<<  <  ج: ص:  >  >>