للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَيَكُونُ الْمَالُ سَبْيًا يَجُوزُ أَنْ يُغْنَمَ.

وَكَذَلِكَ حُكْمُهُ مَعَ ذُرِّيَّتِهِ يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ الْأَمَانَ لَهُ دُونَهُمْ وَلَهُمْ دُونَهُ، فَإِذَا اشْتَمَلَ عَقْدَ أَمَانِهِ عَلَى نَفْسِهِ وَذُرِّيَّتِهِ وَمَالِهِ [ثُمَّ نَقَضَ أَمَانَهُ وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ زَالَ أَمَانُ نَفْسِهِ وَبَقِيَ أَمَانُ ذُرِّيَّتِهِ وَمَالِهِ] فَلَا تُسْبَى الذُّرِّيَّةُ وَلَا يُغْنَمُ الْمَالُ.

وَلَوْ أَخْرَجَ مَعَهُ حِينَ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ ذُرِّيَّتَهُ وَمَالَهُ، انْتَقَضَ أَمَانُ مَالِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، وَجَازَ غَنِيمَةُ مَالِهِ وَاسْتِرْقَاقُ ذُرِّيَّتِهِ، لِأَنَّ إِخْرَاجَهُمَا مَعَهُ نَقْضٌ لِأَمَانِهِمَا وَأَمَانِهِ.

وَلَوْ خَلَّفَهُمَا لَبَقِيَ أَمَانُهُمَا مَعَ زَوَالِ أَمَانِهِ.

(فَصْلٌ)

فَإِذَا تَقَرَّرَ أَنَّ نَقْضَ أَمَانِهِ لَا يَكُونُ نَقْضًا لِأَمَانِ مَا خَلَّفَهُ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ وَمَالِهِ، فَسَوَاءٌ حَارَبَنَا بَعْدَ لُحُوقِهِ بِدَارِ الْحَرْبِ أَوْ كَفَّ عَنَّا يَجِبُ عَلَيْنَا حِفْظُ ذُرِّيَّتِهِ وَمَالِهِ، وَتَقَرّ الذُّرِّيَّةُ إِلَى أَنْ يَبْلُغُوا، سَوَاءٌ كَانَ الْمُعَاهَدُ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا.

فَإِذَا بَلَغُوا: خَيَّرَهُمُ الْإِمَامُ بَيْنَ الْمُقَامِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَبَيْنَ الْعَوْدِ إِلَى دَارِ الْحَرْبِ، فَإِنِ اخْتَارُوا الْعَوْدَ إِلَى دَارِ الْحَرْبِ لَزِمَهُ أَنْ يُبْلِغَهُمْ مَأْمَنَهُمْ، ثُمَّ يَكُونُوا بَعْدَ بُلُوغِهِمْ حَرْبًا.

وَإِنِ اخْتَارُوا الْمُقَامَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ أَقَرَّهُمْ فِيهَا عَلَى إِحْدَى حَالَتَيْنِ:

إِمَّا بِجِزْيَةٍ يَبْذُلُونَهَا أَوْ بِعَهْدٍ يَسْتَأْنِفُونَهُ.

لِأَنَّ أَمَانَهُمْ بِالْعَهْدِ مُقَدَّرٌ بَعْدَ الْبُلُوغِ، وَغَيْرُ مُقَدَّرٍ قَبْلَ الْبُلُوغِ فَيَجُوزُ أَمَانُهُمْ قَبْلَ الْبُلُوغِ بِسِنِينَ كَثِيرَةٍ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَبْلُغَ أَمَانُهُمْ بَعْدَ الْبُلُوغِ سَنَةً، لِأَنَّهُمْ قَبْلَ الْبُلُوغِ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْجِزْيَةِ، وَهُمْ بَعْدَ الْبُلُوغِ مِنْ أَهْلِهَا.

وَأَمَّا مَالُهُ: فَمُقَرٌّ عَلَى مِلْكِهِ مَا بَقِيَ حَيًّا عَلَى حُرِّيَّتِهِ، وَلَهُ إِنْ تَغَيَّرَتْ حَالُهُ حَالَتَانِ:

إِحْدَاهُمَا: أَنْ يَمُوتَ.

وَالثَّانِيَةُ: أَنْ يُسْتَرَقَّ.

فَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ: فَفِي مَالِهِ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: يُغْنَمُ فَيْئًا لِبَيْتِ الْمَالِ، لِاخْتِصَاصِهِ بِالْأَمَانِ عَلَى مَالِهِ دُونَ وَرَثَتِهِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: يَكُونُ مَوْرُوثًا عَنْهُ لِوَرَثَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ دُونَ أَهْلِ الذِّمَّةِ، لِأَنَّ أَهْلَ الذِّمَّةِ وَأَهْلَ الْحَرْبِ لَا يَتَوَارَثُونَ لِارْتِفَاعِ الْمُوَالَاةِ بَيْنَهُمْ، وَإِنَّمَا كَانَ مَالُهُ بَاقِيًا عَلَى وَرَثَتِهِ لِأَنَّهُمْ يَقُومُونَ فِيهِ مَقَامَهُ، فَانْتَقَلَ إِلَيْهِمْ بِحُقُوقِهِ وَالْأَمَانُ مِنْ حُقُوقِ الْمَالِ فَصَارَ مَوْرُوثًا كَالْمَالِ، فَإِنْ مَاتَ الْوَارِثُ انْتَقَلَ إِلَى وَارِثِهِ كَذَلِكَ أَبَدًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>